بصرف النظر عن اى اعتبارات يضعها شريكا الحكم فى اعتبارهما وهما لم يصلا – بعد – لنقطة الافتراق حيث لم يحل التاسع من يوليو 2011 الموعد المضروب لإنهاء فترة الانتقال والإعلان الرسمي عن قيام دولة جنوب السودان ، فان من المهم تدقيق النظر بموضوعية وتجرد - تامين - فيما يجري من أحداث دامية بولاية جنوب كردفان . و ولاية جنوب كردفان من الضروري أن نشير الى أنها غير مختلف عليها تماماً حول كونها ولاية شمالية تقع ضمن نطاق شمال السودان وذلك حتى لا يختلط الأمر فى أذهان البعض – خاصة من هم بالخارج – فيعتقدون ان المنطقة ولمجرد وجود الحركة الشعبية فيها هى جزء من جنوب السودان ! ما جري فى الولاية – حتى لو غضضنا الطرف عن البادئ بالعنف و المبادر به – هو أن مليشيا غير مصرح لها تحمل السلاح ، نفذت اعتداءات آثمة على جيش حكومي . وحين نقول مليشيا غير مصرح بها فان هذا نعني به أن ما يسمي بالجيش الشعبي لا مكان له - قانوناً و سياسياً - شمال حدود 1956 و لعل الناطق الرسمي باسم الجيش الشعبي التابع للحركة الشعبية بجنوب السودان العقيد فيليب أقوير كان الأكثر وضوحاً و تعبيراً عن هذه الحقيقة حين أشار – بحق – الى انه لا وجود للجيش الشعبي التابع للحركة الشعبية شمال حدود 1956 سواء فى ولاية جنوب كردفان أو النيل الأزرق لأن القوات الموجودة هناك – بحسب اقوير – هى قوات جيش شعبي يخص أبناء المنطقين ولا علاقة له بالجنوب الذى بات على مرمي حجر من قيام دولته. و لا يوجد فى القانون الدولي بالطبع ما يسعف اى مجموعة عسكرية ليست جزءاً من الجيش الوطني و النظامي للتواجد على ارض الدولة فهذه مخالفة صريحة للقانون . الذى حدث أن عبد العزيز الحلو سواء بدافع الغبن، او البحث عن وسيلة استدراكية للحصول على مكاسب سياسية جديدة حرّض قوات يقودها – وهذه المليشيات غير القانونية – للقيام بأعمال عنف سقط جراءها قادة و وزراء و مسئولين ، فضلاً عن جنود نظاميين ومدنيين. هذه الوقائع وان بدت ذات طابع سياسي ، إلاّ أن جوهرها قضية قانونية ، فالرجل و مليشياته خالفوا القانون سواء كان القانون السوداني – الجنائي و العسكري – او القانون الدولي و من ثم فان الوضع فى ولاية جنوب كردفان ما ينبغي - بحال من الأحوال - معالجته فى إطار التسوية السياسية او التفاوض ،لأن القاعدة الذهبية المتعارف عليها فى القانون الدولي انه (ما ينبغي مكافأة المعتدي على اعتدائه) لأن فى ذلك تشجيع على خرق القانون والتسليم بمخالفته. ومن المهم جداً فى هذا الصدد ألا يخلط المجتمع الدولي الأوراق بشأن النزاع فى أبيى - هى جزء من الولاية و موضع نزاع بين الشمال والجنوب - وما جري فى جنوب كردفان كتمرد عسكري مخالف للقانون و يوصف الجناة فيه بأنهم خارجين على القانون و لابد عاجلاً أم آجلاً من معاقبتهم .