تحليل سياسي قالت الأممالمتحدة إنها تشعر بالقلق جراء ما وصفته بالوضع الإنساني المريع فى جنوب كردفان غربي السودان . وأشار وكيل الأمين العام للشئون الإنسانية (فليري أموس) فى تعميم صحفي -الأربعاء الماضية - ان أزمة إنسانية هناك مستفلحة بحسب ما يردهم من تقارير، وارتفاع موجات النزوح و تهديد الموسم الزراعي ؛ مبدياً خشية منظمته من تفاقم الوضع ليكون المجتمع الدولي فى مواجهة سيناريو سيء حيال ملايين المدنيين الفارين من الولاية والباحثين عن المأوي والغذاء . ولا يبدو ان قلق الأممالمتحدة فى هذا الصدد يحمل جديداً ، ذلك ان المنظمة الدولية – للأسف الشديد – درجت عادة على المبالغة فى وصف الأوضاع كما فعلت من قبل فى دارفور بعدم الدقة فى الأرقام وافتقارها للحقائق الصحيحة ، فهي تبني أخطر تقاريرها على تقارير أشخاص ، وفي بعض الأحيان أطراف غير محايدة وغير أمينة ونشرها على الملأ . لقد استطاعت الخرطوم تسيير أكثر من قافلة حتي الآن منذ بداية الأزمة وكانت آخر قافلة إغاثية سيرها الاتحاد العام للمحامين السودانيين وهى جهة حقوقية معروفة أواخر الأسبوع الماضي و أشار كل من رافق القافلة الى ان الحياة عادت الى طبيعتها- بدرجة كبيرة جداً- فى الولاية وحركة النازحين العائدين تشهد تزايداً مضطرداً . لقد كان من بين الذين أتيح لهم مرافقة هذه القوافل من هم فى صف المعارضة ويُحسبوا ضمن من يقفون للحكومة بالمرصاد فى كل شئ ولكنهم رغماً عن كل ذلك أقرّوا بتحسن الوضع فى الولاية بصورة ملحوظة و لعل الشئ الغريب حقاً ان الأممالمتحدة تزعم نزوح ما يجاوز ال(70) ألف بينما لا تملك هى من الأصل إحصائية ولو تقريبية عن عدد سكان المدن المختلفة بالولاية ، كما ان المناطق التى نزح اليها هؤلاء النازحين معروفة ولو كان هذا الرقم صحيحاً لأعلنت السلطات المسئولة فى تلك المناطق ولا يمكن لعاقل ان يتصور نزوح مدنيين الى الخلاء والمناطق المقفرة التى لا يتوفر فيها أدني مقوم من مقومات الحياة ! إضافة الى ذلك فان المنطقة متاخمة لولاية شمال كردفان و هى ولاية قريبة جداً من الوسط والمركز وقريبة منها ايضاً ولاية النيل الأبيض فلو صح زعم الأممالمتحدة فان الولايات المتاخمة لجنوب كردفان كانت ستعطي صورة مطابقة لهذه المزاعم. إن أحداً لا ينكر حدوث حالات نزوح وفرار جراء الصراع الدموي العنيف الذى بادرت به الحركة الشعبية هناك ، ولكن الوضع ليس بهذا السوء الذى تصوره المنظمة الدولية و باستطاعة المنظمات الوطنية السودانية احتواء الوضع ومعالجته – وقد شرعت فعلياً فى ذلك – فالمعالجة والعمل الميداني المباشر وتشجيع العودة أجدي و أنفع من تدبيج التقارير وتهويل الأمور وإثارة الفزع دولياً بشأن أزمة تعلم الأممالمتحدة الحاضرة عبر بعثة اليوناميس من المتسبب الأول والأخير فيها !