فى بيان نشره موقع (سيدار نيوز) -الأربعاء الماضية- دعا الرئيس الأمريكي باراك أوباما طرفي الصراع فى ولاية جنوب كردفان غربي السودان الى قف فوري لإطلاق النار . بيان اوباما وصف الوضع فى جنوب كردفان بأنه مريع – على حد تعبيره – مضيفاً ان المدنيين هنالك يتحملون ما اسماه وطأة المناخ السياسي المضطرب . الأممالمتحدة من جانبها وعلى لسان وكيل أمينها العام للشئون الإنسانية (فاليري آموس) أعربت عن قلقها إزاء الوضع الإنساني وحذرت من العواقب التى من شأنها ان تترتب على ذلك . من جانبها رفضت الحكومة السودانية فى الخرطوم موقف واشنطن من الصراع الجاري فى جنوب كردفان ، خاصة فيما يخص إشتراط واشنطن وقف الصراع فى جنوب كردفان كشرط لتطبيع العلاقات بين البلدين، فقد قالت الخارجية السودانية -الأربعاء- على لسان وكيلها السفير رحمة الله محمد عثمان ان جنوب كردفان ليست ضمن خارطة الطريق المتفق عليها بين واشنطنوالخرطوم لتحسين علاقات البلدين، حيث تقتصر الخارطة على إنفاذ اتفاقية السلام الشامل . من جانب آخر فان قوي المعارضة السودانية التى عرفت (بركوب الموجات) فى ظل افتقارها لروح المبادأة وحسن تقدير الأمور ، هى الاخري مضت بذات الاتجاه حيث صرح فاروق أبو عيسي ان القادة في المعارضة بصدد عقد قمة منتصف هذا الأسبوع (للعمل على وقف الصراع الدائر فى جنوب كردفان)! ومما لا شك فيه انه لا غبار على الإطلاق فيما يخص ضرورة وقف الصراع فى جنوب كردفان، إذ لا مجال للعودة الى الحرب ، بعد كل الانجازات السياسية الهائلة التى حققتها اتفاقية السلام الشاملة والتي يصعب تجازوها او التقليل منها علي الإطلاق . هذا ليس بيت القصيد ، ولكن الأزمة تكمن فى ان أحداً سواء من القوي الدولية او قوي المعارضة السودانية لم يلق اللوم على الطرف الذى بادر بالقتال ؛ وهى مسألة ليست محل خلاف أو جدل ، فقد أطلقت الحركة الشعبية فى جنوب كردفان الطلقة الأولي ، بل ان مجموعة كاملة يقودها المتمرد الحلو وهو رئيس الحركة بالولاية تمردت، وعاثت فساداً وأسالت دماء ثم استعصمت بالجبال . هل يعقل – فى ظل وقائع ثابتة كهذه – ان تتم مطالبة الحكومة السودانية بوقف الصراع الدائر ؟ أوليس الصحيح و الأجدي هو إدانة مسلك الحركة الشعبية المبادرة بالقتال و المتسببة فى ما آل إليه الوضع وحثها على إلقاء السلاح ؟ أن مطلب واشنطن من الخرطوم وقف الصراع (فورياً) وكأن الصراع ليس سوي دراجة هوائية ما على الخرطوم إلاّ جر مكابحها و ربط ذلك بتطبيع علاقات البلدين ان هو إلا (تحامل أمريكي) فاضح على الخرطوم ، ومحاولة لإطالة أمد الشد والجذب فى علاقات البلدين. كما ان القوي المعارضة (إن كانت معارضة وطنية جادة وأمينة) و ان كان لها (خاطر) لدي حليفتها الشعبية تستطيع ان (تطلب من الشعبية) وقف التمرد المصطنع والكف عن خرق اتفاق السلام و العودة للحياة الطبيعية . ان أحداً لا يمكنه ان يقبل منطقاً يأن يطلب من المتعدي عليه وقف عملية اعتداء وقعت عليه، وفى الوقت نفسه مكافأة المتعدي ! من المؤكد ان واشنطن تسير فى ذات اتجاه استحداث جنوبيين جدد وأزمة جديدة فى غرب السودان !