.. والتصريحات البريئة ليست بريئة. والبشير في بورتسودان يحدث الحشد هناك.. لكن الكلمات كانت مصوبة بدقة إلى جهات أخرى بعيدة إلى جوبا.. وواشنطن. والبشير يقول: «نغلق خط النفط إن حاول الجنوب الانفراد بالنفط» .. بعدها البشير يقول: «نحن من يحدد كيف تذهب عائدات البترول.. وماذا نشتري بأموالنا». الكلمات تبدو بديهية إلى حد يثير الدهشة.. لكن الكلمات هذه تجيب على أغرب الاقتراحات التي تقدم في لقاء أديس أبابا.. و... و... و في أديس أبابا كانت السيدة رايس تنظر وتجد أن الجنوب يبتلع «صنارة» ضخمة يجذبها الوطني. .. والوطني ما يستخدمه كان صنارة بالفعل .. لكن الوطني كل ما يفعله هو أنه يستخدم الصنارة الأمريكية والحكاية هي: في محادثات أديس أبابا أمريكا التي تجد أن شريكها في هدم السودان شريك أبله تماماً، تتقدم باقتراح يطلب من حكومة سلفا كير أن تجعل من أمريكا «الوصي» الرسمي وأموال البترول الجنوبي من يستلمها هو «أمريكا» ومن يحدد وجوه الصرف هو أمريكا. .. وأمريكا تتجه ببراعة إلى ابتلاع بترول الشمال أيضاً بالأسلوب ذاته. وحتى يبدو الأمر حلواً أمريكا تجعل الحركة في أديس تبذل اقتراحاً يقول: الجنوب يقبل بنسبة 05% من البترول.. على شرط أن تصب أموال البترول بكاملها في مصارف أمريكا. .. وأمريكا بعدها هي من يحدد وجوه صرف الأموال هذه. والخرطوم إن هى ذهبت لشراء كيلو من الطماطم فعليها استئذان واشنطن. والخرطوم رفضت. وواشنطن تستدير في دائرة كاملة لتعود باقتراح جديد والاقتراح الجديد يقول: ديونكم تسعة وثلاثون مليار دولار.. نحن نسهم في تسديدها. ومساهمة أمريكا هي أن يصب السودان أمواله في مصارف واشنطن. وأمريكا «تسمح» للسودان بالتصرف الكامل في نسبة معينة من أمواله. والنسبة هى «02%». وثمانون بالمائة تذهب لتسديد الديون. .. أمريكا التي ليست بلهاء.. كانت حساباتها تجد أن السودان الذي يفقد 26% من البترول الخام يستعيد نصف هذه النسبة إيجاراً للأنابيب والميناء والمصافي. والسودان بعدها.. وفي الأيام هذه = يرتفع إنتاجه بالآبار الجديدة إلى أكثر من 04%. .. و.. تجد أن ثورة «الجماهير» بعيدة.. بعيدة. وواشنطن تتجه إلى المخطط هذا. وأمريكا التي تدير محادثات أديس أبابا = من غرفة مجاورة تماماً لقاعة محادثات الحركة والحكومة = كانت تنطلق في معركتها العالمية الآن «لشفط» كل بترول العالم. وأمريكا لا تنهب الآن بترول العالم لأنها بحاجة استهلاكية إليه. .. أمريكا تستولي على نفط العالم وتقوم بتخزينه تحت أرضها، لأن الدراسات تجد أن القبضة التي تمسك بحلقوم الطاقة الآن تمسك بحلقوم العالم إلى درجة تجعل جيش واشنطن كله يتكون من خمسة جنرالات في المخابرات هناك يصدرون أوامرهم كل صباح لكل شبر في العالم.. من مكاتبهم الفاخرة.. وكل شبر في العالم يستحيل عليه أن يرفض أمراً هناك يومئذٍ. .. (2) لكن الصين تعرف الخطة الأمريكية هذه.. وروسيا وغيرها. لهذا تشتعل المعركة الآن بين الجهتين في إفريقيا .. وفي السودان. والشهر الماضي الحركة الشعبية تحتفل بانطلاقة التمرد وفي «بور». وحين كان سلفا كير يمشي لافتتاح النصب كانت شخصيات محددة تمسك أنفاسها بشدة.. تنتظر فرقعة رصاصة متفق عليها. والصحف أمس تحمل نبأ اعتقال دانيال كودي. والذين كانوا يمسكون أنفاسهم كان من بينهم باقان.. فالخطة الأمريكية لتصفية سلفا كير كانت تجعل باقان هو الخليفة لسلفا. نهاية؟ .. لا.. فالخطة كانت تعد آخر ومجموعة بقيادة مجاك «قائد استخبارات سلفا كير» لتصفية باقان.. بعد تنفيذ الخطة الأولى. ومنذ عامين .. نحدث أن أمريكا تهمس لباقان بأنها تعده لقيادة الجنوب. ومثلما أمريكا تهمس لنيال دينق بأنها تعده لقيادة الجنوب. والخطة لم تنفذ لسبب بسيط.. وهو أن سلفا كير يتلقى من أحدهم/ نحدث عنه قريباً/ كل تفاصيل المخطط .. وسلفا يلغي الاحتفال.. وباقان ونيال وعقار كلهم يشعل مناطق كردفان وأبيي = ويستعد لإشعال جنوب النيل = حتى يقدم مؤهلاته لواشنطن. لكن أمريكا تكتشف أنها تذبح حلقومها بيدها. أمريكا تكتشف أن الصين تحسب على أصابعها. والصين التي كانت تتجه جنوباً تجد أن أمريكا تضع يدها تماماً على كل شيء في الجنوب. والصين التي تعد الخرطوم أهم استثماراتها في إفريقيا، الآن تلملم ما أرسلته إلى الجنوب وتعيده إلى الخرطوم. مثلها أمريكا تجد أن شفقة المتنافسين عليها جعلت قنبلة أبيي «تنفس». فما تحت الأرض هو أن أبيي لم تكن هي المعركة ولا جنوب كردفان. أبيي وجنوب كردفان .. كلاهما كان هو «الصاعق» كما يقول العسكريون. والصاعق هو ما يجعل الرصاصة تنطلق. .. و.. وفي أديس أبابا كان الوفد السوداني يجعل الحركة الشعبية تشرب المقلب تماماً. حتى إذا «فتحت» عاد الناطق الرسمي باسم الحركة أمس الأول ليقول في جوبا الاتفاق الذي اتفقنا عليه .. لا نوافق عليه. والبشير يقول ساخراً «الحركة لا تفهم إلى أن يقع الفأس على الرأس». ومسز رايس أمس تطلب من مجلس الأمن أن يتدخل «بأية وسيلة». فالسيدة هذه تجد أن قانون مجلس الأمن يمنع المجلس من التدخل في قضية بين دولتين ما دام هناك اتفاق بينهما. و.. و.. .. والبله الذي يتميز به الناطق الرسمي للحركة يجعل سلفا كير يدمدم في غيظ. لكن الرجل لا يعدم النكتة.. فحين يسمع أحدهم يقترح عليه تعيين «ناطقة» رسمية يقول سلفا كير: ليه؟؟ علشان تقول.. سجم خشمي؟! نقلا عن صحيفة الانتباهة السودانية 27/6/2011م