مواقف عدائيّة دفعتها تقديرات متعجّلة أتت بعكس ما خُططت من أجله، فرفعت من شأن من أرادت هز صورته فى المشهد الدولى... وأعمال صغيرة ارتكبتها دول صغيرة انابة عن دول كبيرة فازدادت صغراً وكَبُرَ المستهدف فى العين الدوليّة! كان من الممكن أنْ يكون عمر البشير جنرالاً مثل كل الجنرالات الذين جاءوا قبله وبعده، الذين يفرزهم فشل النُخَب المدنيّة فى ادارة الديمقراطيّة، فيأتون ليلاً ويقضون من العمر السياسى ما شاء لهم الله، ثمّ يكون مصيرهم الذهاب ليلاً بمثلما ما جاءوا أو الذهاب نهارا تحت لهب شمس الشعب الساطعة! لكنّ عمر البشير شاءت له الاقدار الالهيّة والتقديرات البلهاء لخصومه أنْ يكون استثناءا من ذلك... ففى كل يوم تكبر صورته الجماهيرية على حساب صورته الانقلابيّة! وحين أتى عليه كيد المحكمة الجنائية الدولية لم يحظ رئيس مُختلف عليه بتأييد شعبى بهذا المقدار... وبهذا التأييد هزّ صورة المحكمة الجنائيّة وكسر حصارها فجاب اقطاراً عربية وافريقية وزاد هذه المرة عليها بزيارات الى قوى مؤثرة فى الساحة الدوليّة، فلم يملك خصومه بالخارج غير ورقة الضغط وتحريض دول صغيرة كانت كبيرة، تضاءل حجمها فتضاءل دورها فرضيت بدور قاطع الطريق الجوّى! إنّ أفعالاً كتلك هى ما ترفع من أسهم عمر البشير فى البورصة السياسية بالخارج والداخل فتجعله فى المشهد الدولى رمزاً لشعب صغير ذى أحلام كبيرة... قائد لبلد يريد القفز فوق القروض والمعونات والمساعدات (الانسانيّة) إلى بلد يبحث له عن مقعد فى نادى الشعوب الآمنة من الجوع ومن الخوف! مؤيدّو الرئيس البشير فى السودان ومعارضوه والمحايدون ازاءه، كلهم يرفعون السلام الوطنى لقائد كان من الممكن أن ينيب مساعديه لزيارة اصدقائه وشركائه فيرسل لهم من على البُعْد تحياته دون الغوص فى الأوحال الجويّة! تحية احترام للرئيس البشير وقد أكمل فى هذا اليوم اثنان وعشرون عاما يراها هو طويلة -ونحن كذلك- على شعب يهوى تغيير رؤسائه كما يغيّر هاتفه السيّار... تحية لرئيس مُنتَخب وقد أضافت له تركمانستان وطاجيكستان شرعيّة جديدة من حيث لا تقصدان: شرعيّة جويّة!! نقلا عن صحيفة الراي العام السودانية 29/6/2011م