تطرح قضية شرعية قطاع الشمال من عدمها العديد من الأسئلة التي يختلف حولها الناس فبعد ان أصبح انفصال الجنوب قيد التحقق في التاسع من يوليو ثارت تساؤلات عديدة حول مدي تحمل الحركة الشعبية مسؤولية حدوث الانفصال وأنها لا تزال تضمر الشر للشمال وتريد ان تتخذ من قطاع الشمال مدخلا لتحقيق أهدافها تلك... المركز السوداني للخدمات الصحفية استطلع أراء مجموعة من القانونيين والأكاديميين والخبراء حول شرعية استمرار قطاع الشمال فكانت الحصيلة التالية .. شرعية منقوصة سألنا مولانا محمد علي المرضي الخبير القانوني ووزير العدل الأسبق عن شرعية قطاع الشمال عقب التاسع من يوليو فأجاب قائلا :يمكن ان يكون القطاع شرعيا اذا أقرت أجهزة المؤتمر الوطني العليا اتفاق أديس أبابا ووافقت عليه الحكومة وتم عرضه علي المجلس الوطني وإجازة في هذه الحالة يضفي الاتفاق الشرعية علي قطاع الشمال . اما الأستاذ سليمان المحامي والقيادي السابق بالحركة الشعبية فقد قطع بعدم شرعية قطاع الشمال بعد التاسع من يوليو وانه اذا امتدت أكثر يصبح يصبح ذلك تفريط في سلامة وامن السودان باعتبار ان القطاع سيمثل حزب أجنبي تابع لدولة أجنبية وفقا لقانون تسجيل الأحزاب وأضاف سليمان ان الحديث عن إمكانية تسجيله كحزب سياسي ذر للرماد في العيون ووصفه بأنه سراب ليس به ماء ذلك ان القطاع سيكون عدو الشمال والحضارة العربية الممتدة .وأكد بان شرعية القطاع لا يمكن ان يضيفها زيد او عبيد وإنما بنص القانون الذي لايعترف بوجود أحزاب أجنبية في الشمال . وقطع د.عبده مختار موسي أستاذ العلوم السياسية جامعة أم درمان الإسلامية بأنه لا توجد أي شرعية لوجود قطاع الشمال باعتباره يمثل الحركة الشعبية الأم التي ذهبت بعد الانفصال فإذا ذهب الأصل لابد ان يذهب الفرع وإلا أصبح القطاع يتبع لدولة أجنبية لكنه يمكن ان يسجل نفسه كحزب شمالي لا علاقة له بالجنوب واذا نسب نفسه للجنوب تسقط عنه الشرعية . ويتفق مع ذلك د.محمد العباس الأمين أستاذ الدراسات الإستراتيجية بجامعة الزعيم الأزهري الذي قال انه ليس هناك أي مبرر ان تبقي الحركة الشعبية قطاع الشمال كحزب سياسي في الشمال اذا يمكنهم ان يختاروا أي اسم أخر لأنه كعامل معنوي فبعد حرب عشرين عاما لا يمكن ان يستمروا بنفس الاسم إلا ان العباس عاد ليوضح ان قانون الأحزاب لا يمنع التسجيل لكن لا يستقيم ان يكون قطاع الشمال فرعا للحركة الشعبية في جوبا . استنساخ التجربة يري المحلل السياسي د.بهاء الدين مكاوي ان الأجندة التي يتبناها قطاع الشمال لا يستطيع من خلالها ان يلعب دورا في الوحدة مستقبلا بعد ان تسبب في حدوث الانفصال فمجرد إصرارهم علي الاسم والتوجهات القديمة يدل علي أنهم يريدون استنساخ التجربة السابقة وهو ما يقدح في مستقبلهم في الشمال .ولو قدر لهم مراجعة وتقييم التجربة وبحث الوسائل التي تحقق مطالبهم في ضوء الواقع الجديد لكان أحسن لهم . وعن العلاقة بين المؤتمر الوطني مع حزب الحركة الجديد يقول د.العباس انه لا يمكن ان تكون عادية فالحركة الشعبية انتهت بتكوين دولة الجنوب ومن الخطأ الجسيم ان يتخذ المؤتمر الوطني الحركة الشعبية كبقية الأحزاب الشمالية بتفويض من الشعب السوداني . وعن الأجندة التي يمكن ان يتبناها قطاع الشمال يقول د.العباس أنها يجب ان تكون متوافقة مع مصالح الشمال تماما كعلاقة الحزب الاتحادي الديمقراطي مع مصر وان يكون قطاع الشمال حزب حسب قانون الأحزاب لمصلحة الاستقرار السياسي . لكن غازي سليمان توقع استمرار المشاحنات وبقائها (بقاء موريس اوكامبو مدعي المحكمة الجنائية وسوزان رايس وهيلاري كلينتون وكل القوي المعادية للسودان )وقال ان القطاع سيصبح مخلب قط بجانب دولة الجنوب . وتحدث مولانا المرضي عن استمرار المشاكسات والمشاحنات التي وصفها بأنها طبيعية ملازمة لقطاع الشمال وسف لن يتخلي عنها تحت أي ظرف من الظروف وحول مدي إمكانية خدمة القطاع للأجندة الدولية وسيستمر في المستقبل مشددا علي انه لا علاقة بين الاتفاق الذي جري في أديس أبابا واتفاقية السلام الشامل فبروتوكولات المنطقتين تنتهي فعليا بغروب شمس التاسع من يوليو الجاري . خيارات جديدة وذهب د.بهاء الدين مكاوي الي ان الحركة الأم صارت دولة أخري في الجنوب وان يكون لها قطاع بالشمال هذا يقدح في شرعيته ولا يخدم مصلحته كحزب في الشمال وقال ان من الحكمة ان يختاروا اسم جديد برؤية جديدة تعبر عن الواقع الحقيقي في المناطق التي تدعي أنها مهمشة وهذا يستدعي منهم في الشمال تشخيص جديد لمشكلة السودان والمناطق التي لها خصوصية بدل التمسك بالقوالب الجامدة . ويتوقع مكاوي ان يؤرق قطاع الشمال مستقبلا السلطة ويخلق بعض المشاكل الأمنية والطريق الذي أمامهم هو الانخراط في حوار بناء وصادق مع السلطة كما انتهت الحركة الشعبية الأم بعد عشرين سنة من الحرب ان السلم هو الخيار . جهوية بمسحة يسارية وعن تعقيدات الترتيبات الأمنية المتوقعة مستقبلا بوجود قطاع الشمال يقول د.عبد مختار انه حسب نيفاشا فان عمليات الدمج والتسريح كان يجب ان تشمل العناصر التي تتبع للنيل الأزرق وجبال النوبة ولكن الحركة الشعبية طردتهم الآن باعتبارهم شماليون ولأنهم عناصر عسكرية وجدوا أنفسهم ضائعين وباتوا مصدر إزعاج .وما لم يتم استيعابهم سيكونون رصيدا للتمرد . وعن نوع الخطاب الذي يمكن ان يتبناه قطاع الشمال يقول د.عبده أنهم سيستمر كأي حزب عنصري وجهوي بمسحه يسارية وسيمثل خميرة عكننة للشمال لأنه لا يملك ايدولوجيا واضحة فهو يعيد نفس الخطاب السياسي عن التهميش والظلم والاستعداء وسف يستمر في خطابه كنسخة من الحركة الشعبية . ويقول د.العباس ان الحركة الشعبية لعبت علي الشمال بالأعداد الضخمة من أبناء النوبة وجنوب النيل الأزرق وبعد حدوث الانفصال تبرأت منهم ولقت بهم في وجه الشمال .ويبين ان الحركة الشعبية مسؤولة أخلاقيا وقانونيا عن استيعاب هؤلاء وفق برنامج DDR)) ولكن الآن الشمال مجبر علي تسوية حقوقهم وان علي الحكومة ان تشرح النيل الأزرق وجنوب كردفان كيف ان الحركة الشعبية تنصلت عنهم بعد عشرين سنة من الاستغلال في حروبها . ويقول مكاوي انه استنادا علي تجربة الحركة الشعبية ولمالات الأمور فان الجانب العسكري قاد الي انفصال الجنوب وكلما سمحت الحكومة لحركة مسلحة ان يكون لها حزب أو بالعكس كلما فقدت السيطرة علي الأمور إذ تستأسد هذه الحركات المتمردة علي الحكومة لذلك يجب ألا تصبح هناك شرعية لامتلاك القوة إلا للسلطات الرسمية دون غيرها . ويري مكاوي ان الخط الذي يسير في القطاع الان يوضح انه يريد الاستمرار في نهجه السابق وتكرار نفس المسألة لإيجاد نواة لحركة انفصال جديدة .وواجب الحكومة اتخاذ إجراءات تمنع ذلك وعلي قطاع الشمال ان يعيد التفكير في الواقع الجديد للممارسة السياسية .