بمقدمات او بدونها، توارى قطاع الشمال بالحركة الشعبية عن الأنظار، وغابت أخباره التي لطالما أستوطنت صدر الصفات الأولى لمطبوعات الخرطوم ووسائل الإعلام المسموعة والمرئية في الداخل والخارج، بالطبع خلا تصريحات متباعدة لرئيسه ياسر عرمان حول عدة قضايا لا يربط بينها سلك ناظم. فالقطاع وطوال عمر الفترة الانتقالية كان لاعب الهجوم الأبرز في فريق المعارضة وفي الحركة الشعبية ولا يكاد يتفق مع الحكومة في رأي أو مسألة. وعلى نقيضه كانت مؤسسة الرئاسة التي تضم رئيس الحركة بقبعة النائب الأول سلفاكير ميارديت قادرة على تجاوز كل المطبات ما جعل كثيرين يصفون أداء الحركة خلال السنوات المنصرمة بتبادل الأدوار، ولاحقاً نعتها باستغلالها القطاع كمطية لتحقيق أهدافها ومراميها وبالطبع الانفصال في رأس قائمتها. ولإزالة أي نوع من اللبس، لا يمكن عدّ التصريحات المبثوثة لمالك عقار أبان فترة المشورة الشعبية، وتشكيكات القادة في جنوب كردفان حول سير عمليات التسجيل لانتخابات الولاية المؤجلة ضمن أنشطة القطاع؛ فالنيل الأزرق وجبال النوبة تتبعان تنظيمياً -على الأقل إلى تاريخ فض الشراكة بين مختلف المستويات التنظيمية - لقطاع الجنوب. حالة القطاع دفعت الصحيفة للتقصي عما يحدث بداخله، أهو حالة زهد من عضويته جراء شعورهم بالمساهمة في تمزيق أوصال الوطن؟ أم هو الشعور بالخديعة نتيجة أنهزام مشروع السودان الجديد؟ أهو الحاجة لتنظيم الصفوف من جديد لتتواءم والمرحلة الحالية؟ أم هو الاختلافات البنيوية بين مشروع السودان الجديد ودعاة الجهوية؟ أم هو الترقب لما ستقوله قيادة الحركة في أجتماعات مكتبها السياسي المنعقد حالياً؟ أم هو كل تلك الأسباب مجتمعة؟ ينضاف اليها غيرها من الدواعي والمسببات. وبأحالة العجين لخبازيه أتصلت (الرأي العام) بالقيادي -إلى وقت قريب- في قطاع الشمال أقوك ماكور لمعرفة ما يعتمل داخل القطاع وأدى لأصابة مفاصله بحالة من الشلل. ماكور عزا حالة الكمون التي تعتري القطاع لأسباب تنظيمية متعلقة بضرورة رص وبنيان عضويته لمجابهة المرحلة المقبلة بعد فض الشراكة بين الشمال والجنوب من خلال قرارات واضحة للمكتب السياسي المنعقد بجوبا ولأسباب سياسية متعلقة برسم السياسات العامة لوريث الحركة في الشمال. وحتى يغلق الباب أمام أي من استفساراتي اللاحقة قال ماكور أن الحركة الشعبية وإلى تاريخ الثامن من يوليو المقبل جسم واحد وأضاف: علاقاتنا مع القطاع بعد هذا التاريخ ستكون في أطار تبادل الخبرات والتدريب وغيرها من الضروب السلمية الشرعية. غير أن لمحمد المعتصم حاكم القيادي الآخر في القطاع وجهة نظر مغايرة، تقول بأن القطاع ينشط في الساحة السياسية من خلال مشاركته في الحكومة في كلٍ من النيل الازرق وجنوب كردفان، فضلاًَ عن أستمرار مشاوراته مع مختلف قوى الساحة السياسية وقال ل (الرأي العام): القطاع رقم صعب في الشمال، موجود بكل أصقاعه، ويصعب تجاوزه على عكس أحزاب أخرى أطلق عليها لفظة (أحزاب الفكة). وأضاف: نعمل حالياً بجد، ولكنّا منشغلون بترتيب أوضاع القطاع الداخلية وتوطيد أركانه في انتخابات جنوب كردفان بجانب انتظار ما يتمخض عن اجتماعات المكتب السياسي التي يحضرها من قادته: ياسر عرمان، مالك عقار، وعبد العزيز الحلو. وعن وجود جيوب مقاومة لأفكار وقيادات الحركة داخل القطاع بعد الانفصال، وصف حاكم ذلك بالطبيعي وقال: عودة حزب الأمة للداخل بعد اتفاق جيبوتي قسمته لعدة أحزاب وأضاف بسرعة: أستبعد حدوث هذا السيناريو داخل القطاع كون الأختلاف فكرياً ومنبنياً على رؤى شخصية وليس بحال من الأحوال موقف جمعي. ولمعرفة مستقبل القطاع من زاوية اكاديمية هاتفت ( الرأي العام) د. أبراهيم ميرغني أستاذ العلوم السياسية. د. أبراهيم أبان عن تشاؤم كبير من وقائع ما يحدث في القطاع وقال: من المتوقع أن تحدث تناقضات كبيرة بين حاملي بذرة السودان الجديد في القطاع وأولئك المستندين إلى أقاليمهم وأضاف: القطاع بحاجة لمراجعة أدبياته التي أدت للأنفصال وعدم استنساخها ثانية من خلال تقوية الجانب القومي والنأي عن المزايدات الجهوية. على كلٍ، يسود الصمت أفنية قطاع الشمال في الحركة. صمت وإن تعددت أسبابه فهو أسوأ من حالة الترقب التي تنتظم الجميع، فكما يقول أهالينا (الكحة ولا صمة الخشم). نقلاً عن صحيفة الرأي العام السودانية 14/2/2011م