استطلاعات – عبر عينات عشوائية مختلفة – أجرتها (سودان سفاري) في أنحاء قريبة من الحدود السودانية التشادية حول الاتفاق الأخير الذي عقده البلدان السودان وتشاد والذي بموجبه تم اقرار اسس لحل النزاع القائم والعمل على ترسيخ الاستقرار في المنطقة – كانت حصيلة الاستطلاعات متفائلة ولكن بدرجة أقل، حيث يبدي المواطنون مخاوفهم من تجدد المواجهات، وعودة النزاع مرة أخرى بسبب ما أسموه بعدم التزام الطرفين بالاتفاقات التي يبرمانها، ويقول مواطنون قريبون من الأحداث في مدن حدودية معروفة ان المشكلة الكبرى أن الجانب التشادي لديه هاجس مستمر من أن الحكومة السودانية تسعى للاطاحة به عبر دعمها لمعارضين مسلحين يقاتلون نظام الرئيس دبي منذ سنوات، ويرجع هاجس النظام التشادي وتخوفاته الى أن طبيعة المنظومة الأمنية في تشاد هشة وضعيفة والبناء السياسي القائم ليس من القوة والمتانة بحيث يصمد تجاه العمليات العسكرية التي تقوم بها المعارضة المسلحة، وهذا ما يجعل نظام الرئيس دبي في العادة يبادر ويستبق الحكومة السودانية بعمل إستباقي مستمر حتى يتفادى (باستمرار) هجمات المعارضة التشادية المسلحة، فسقوط أنجمينا – بكل المقاييس – حسب هؤلاء المواطنين – متوقع بين حين وآخر نظراً الى أن هذه هي طبيعة النظام السياسي السائد، اذ أن كل ما يفعله من يود الاستيلاء على السلطة القيام بمهاجمة العاصمة وضرب القصر الرئاسي واحتلاله، وهي تجارب تكررت في التاريخ التشادي كثيراً ولا يوجد ما يحول دون تكرارها في ظل عدم اتجاه الرئيس دبي – رغم طول مدة حكمه القياسية (حوالي 20 عاماً) – الى تأسيس نظام سياسي ديمقراطي ومرن وقائم على تعددية تستوعب مختلف القوى السياسية في تشاد. ذلك على العكس من الوضع في السودان حيث تقوم الآن حكومة وحدة وطنية انتقالية تحيط بها قوى سياسية عديدة، كما أن زعزعة الاستقرار في دارفور المتاخمة لتشاد وان كان يؤثر في مجمل الموقف الأمني للسودان الا أنه لا يصل بأي حال الى مرحلة اسقاط السلطة، وقد جرب الدكتور خليل القيام بعملية عسكرية على غرار ما يقوم به المسلحون التشاديون في واقعة أم درمان الشهيرة (مايو 2008) وفشلت التجربة وألحقت خسائراً فادحة للغاية بحركة د. خليل لا تزال تعاني من آثارها حتى الآن. وعلى أية حال، فإن من المفروغ منه على ضوء هذه الاستطلاعات أن حاجة نظام الرئيس دبي الى تهدئة الأوضاع مع جاره السودان تبدو ملحة وضرورية بأكثر من حاجة الخرطوم ولهذا وربما بعكس ما اشار المستطلعين قد يحترم نظام الرئيس دبي هذه المرة بالذات اتفاق التهدئة اذ ليس في كل مرة – كما يقال – تسلم الجرة!!