صاغ القذافي علاقاته مع السودان بانفعال خاص, بحكم فجوره في الخصومات السياسية, تماهي مع نميري اولا, يوم ساد الاعتقاد بانهما يمثلان روحا ثورية شابة في كنف زعيم من قامة عبد الناصر. دافع عن نميري بداية, وقف الي جانبه إبان انقلاب يوليو 71, وزاد بإجبار الطائرة التي كانت تقل بابكر النور وفاروق حمد الله علي الهبوط في طرابلس قبل ان يسلمهما لصديقه الذي اعدمهما علي الفور. سنوات قليلة وانقلب الحال, وتحولت الصداقة الي عداوة مريرة, مضي فيها القذافي بعيداً, فاحتضن معارضي نميري, ومول غزوة الخرطوم الشهيرة المعروفة باسم المرتزقة عام 76. تصاعد العداء بين الرجلين لا مكان هنا للحديث عن بلدين, خاصة في حالة ليبيا والقذافي, احتضن الزعيم الليبي الحركة الشعبية لتحرير السودان وهي جنين سهر علي رعايتها مقدما لها كل أنواع الدعم حتي استوت. لم يدع القذافي نميري حتي اخر ايامه في الحكم فارسل طائرة عام 84 قصفت الإذاعة السودانية . سقط نميري, ولكن القذافي واصل أسلوبه الانفعالي في التعاطي مع الشأن السوداني والغريب أن حكوماتنا المتعاقبة كانت احرص ما تكون علي عدم إغضابه , اما خوفا من ردات فعله, أو طمعا في خزائنه. دعم الزعيم الاممي انفصال الجنوب وبشر به عندما كانت الحركة الشعبية نفسها تتجنب الجهر بنواياها في هذا الجانب. وجد ضالته في أزمة دارفور, فدخلها دخول العارفين كما كان يدعي احتكر لفترة اختراع وانشقاق الحركات حول طرابلس الي عاصمة أصيلة في كل ما يتعلق بالتعاطي مع أزمة دارفور حربا وحواراً. بلغ الأمر ذروته في الهجوم علي ام درمان عام 2008, فعلها القذافي ثانية مستهدفا العاصمة السودانية, فكل الدلائل تشير الي انه الفاعل, وسوف تثبت الأيام صحة هذا الاتهام . سودانيون كثر يعدون بالآلاف تضرروا بصورة أو أخري من القذافي وفي ذهني في هذه اللحظة صديق المحامي خالد بابكر النور ووالدته الكريمة وشقيقاته الفضليات, وهم يشهدون التاريخ بكل عنفوانه يقتص لوالدهم ولا ننسي اسر الذين سقطوا في إحداث المرتزقة من مدنيين وعسكريين وضحايا غزوة ام درمان ودارفور من قتلي ونازحين. جرده حساب بسيطة, يعرفها كل سوداني, إلا قلة ممن استفادوا وصدقوا هذا المعتوه, ولا نغفل جردات حساب أخري سيقوم بها التوانسة الذين عاب عليهم الثورة علي زين العابدين بن علي والمصريين والفلسطينيين, الذين تلاعب بالقوي العاملة منهم في ليبيا, فكان يطردهم بالجملة كلما ساءت علاقاته السياسية مع دولهم في متوالية ثابتة. نقلا عن صحيفة السوداني السودانية 25/8/2011م