أوقف الجيش السوداني منذ حوالي أسبوع عملياته العسكرية فى ولاية جنوب كردفان بقرار أحادي الجانب قال المتحدث باسمه العقيد الصوارمي خالد انه صادر عن القائد الاعلي للجيش، الرئيس البشير وان القرار قد دخل حيز التنفيذ على الفور، أملاً فى أن يجد موقفاً مماثلاً من المتمردين. المتحدث باسم الجيش السوداني أشار ايضاً الى ان القرار سوف يمتد لأسبوعين من تاريخ صدوره وأنه جاء تلبية لرغبة السلام والاستقرار فى الولاية لا سيما بعد أن أبدت قيادات أهلية عديدة ومحترمة هنالك امتعاضها للتمرد الذى قادته مجموعة المتمرد الحلو. وتشير متابعات (سودان سفاري) على الارض فى جنوب كردفان الى ان القرار أشاع مناخاً واسع النطاق من الاستقرار والارتياح وأتضح ان غالبية أهل جنوب كردفان ليسوا مع التمرد ولا رغبة لهم فى عودة القتال بحال من الأحوال. ولعل السؤال الذى يتعين علينا ان نسأله فى هذا المنحي هو هل يفضي هذا الموقف الأحادي الجانب للعمليات العسكرية فى الولاية الى عملية سلام وشيكة ؟ الواقع ان الجميع هنالك يبدو متفائلين ذلك على الرغم من ان بعض المراقبين والقريبي الصلة من المتمردين يشيرون الى ان مجموعة الحلو لن تتورع عن اعتبار العملية سانحة لها لالتقاط الأنفاس تمهيداً لعودة جديدة للحرب لاحقاً، ولكن ذات المتابعات تشير الى ان أوضاع المتمردين أصلاً كانت فى غاية السوء، فقد تورط الحلو قبل أيام فى منطقة القردود وكاد ان يصبح لقمة سائغة فى يد الجيش السوداني كما ان (سودان سفاري) علمت من مصادرها فى كادوقلي ان موجة الضباط العائدين من حركة الحلو لم تنقطع وفى كثير من الأحيان يجري التكتم عليها لأسباب تتصل بأمن العائدين بحسب رغبتهم، إضافة الى ان الجيش السوداني يملك زمام المبادرة فى أكثر من 98% من مساحة الولاية بحيث يستحيل ان تجد حركة المتمردين فرصاً جديدة لاختراق دفاعات الجيش السوداني، وتكاد العمليات المؤثرة تنحصر حالياً فى منطقتين على الأكثر . وعلى صعيد حركة المواطنين فقد رصدت (سودان سفاري) ممارسة المواطنين لحياتهم العادية فى معظم محليات الولاية ومناطقها بحيث يمكن القول ان الحياة تسير سيرها العادي الى درجة كبيرة، وجاء وقف إطلاق النار ليضيف مزيداً من الاستقرار والعودة الطوعية وعودة الحياة لطبيعتها. وهكذا يمكن القول ان قرار وقف إطلاق النار فى ولاية جنوب كردفان جاء فى وقت مناسب، فهو أظهر بجلاء ثقة الجيش السوداني وامتلاكه لزمام المبادرة؛ كما أنه أحبط تماماً المزاعم التى ظلت تثار حول انتهاكات السلطة السودانية والجرائم ضد الانسانية التى أشيعت عنها فى هذا الصدد، ويبقي من المهم بعد ذلك ان تنتهز القوى المتمردة هذه الفرصة ليس لمعاودة خداع نفسها، ولكن للبحث عن صيغة جديدة لحل مستدام.