«أنا ماشي جوبا» عبارة ربما تكون آخر ما نطق به والي النيل الأزرق المعزول بقرار رئاسي مالك عقار وهو يحزم حقائب الخوف من مصير مجهول ينتاب حياته مع بدء العمليات القتالية بين القوات المسلحة وقوات الحركة الشعبية الجمعة الماضية، وعقار وهو يذهب لجوبا باتت قصته شبيهة بقصص هروب لاعبي كرة القدم من غرف التسجيلات الخاصة بالأندية المتنافسة والتي صبغت بالألوان الحمراء مصير كثير من السياسيين وصارت أصباغ الهروب المثير رسمًا متصلاً هذه الأيام بكثير من مناطق النزاعات والحروب، وكلما ضاقت الحلقة على مسؤول سياسي عجّل بارتداء عباءة الهروب وهرول بحثًا عن الملاذ الآمن. ملاذ غير آمن تقول الروايات المختلفة اللاهثة وراء التقصي عن مكان عقار الحقيقي إنه امتطى طائرة أممية أجلته إلى دولة كينيا عقب سحبه من محلية الدمازين إلى الكرمك، غير أن الخطوة أو الرواية هنا يمكن حسبانها بمدرج غير منطقي لأن عقار لا يرتبط بعلاقات وطيدة في كينيا مثل الأمين العام للحركة باقان أموم أو القيادي بقطاع الشمال ياسر عرمان، لكن في المقابل ربما يأتي التصديق النوعي لما نقلته الزميلة «الرأي العام» أن عقار هرب إلى دولة إثيوبيا التي يتمتع فيها بعلاقات وطيدة مع النظام هناك، وقالت الصحيفة في محضر سردها لتحديد مكان عقار إنه خرج عن طريق الكرمك توطئة للجوء إلى إثيوبيا برفقة ضابط برتبة المقدم يعمل بجهاز الأمن والمخابرات الوطني يدعى أحمد يوسف قاي استُوعب مؤخرًا من الحركة الشعبية بصفوف الجهاز، ونوَّهت الصحيفة بأن الضابط الأمني هدَّد عقار وحرسه بالتصفية وأرغمهم على التوجه صوب الحدود الإثيوبية. عقار في جوبا اللافت في الرواية أنها تناولت تهديد المقدم لسائق العربة أيضًا وأن هناك اتصالات مكثفة تجري لتسليم عقار حالما وطئت قدماه الأراضي الإثيوبية لتبدو الخطوة عنوانًا آخر لزيارة الفريق أول محمد عطا فضل المولى أمس الأول إلى الرئيس زيناوي بغية تسليم رسالة خطية من الرئيس البشير حسبما نقلت وسائل الإعلام أمس، في مقابل ذلك تلوح مبادئ استبعاد ذهاب عقار إلى إثيوبيا بصفة أكيدة وما يعضد القول إن بعض المحللين دمغوا زيارة الفريق عطا للعاصمة الإثيوبية بالخطوة الاستباقية لإغلاق منافذ الجوار أمام عقار رغم الحديث عن محاولة نائبه علي بندر اللحاق به ولقائه لحتفه، الإشارة القوية بمكان عقار بثها قيادي كبير ل «الإنتباهة» بوجوده شبه القاطع بعاصمة دولة جمهورية جنوب السودان منذ الساعة الخامسة عصرًا من يوم الجمعة الماضي برغم بعض التأكيدات غير الرسمية من قيادات الحركة بالنيل الأزرق أن عقار موجود بالولاية ولم يغادرها لأي جهة أخرى. الإقامة بفندق قاردن هوتيل ويروي القيادي الذي فضل حجب اسمه لدواعٍ أمنية أن عقار وصل لمطار جوبا مرتديًا بدلة زرقاء اللون وبدا على ملامحه الاضطراب الشديد عند نزوله من مدرجات سلم الطائرة الأممية التي بحسب المصدر تحمل شعار المنظمة الأممية، وأضاف أن رئيس مجلس وزراء الجنوب دينق ألور الذي كان يرتدي بدلة أنيقة سوداء اللون وربطة عنق حمراء استقبل عقار وقام بالحديث معه أمام سلم الطائرة لحوالى «7» دقائق، ونوه بعدم اكتراث عقار لحديث ألور واستمراره في الالتفات ناحية باب الطائرة بغية الاطمئنان إلى ترجل بقية أفراد أسرته.. وفي سياق ذلك قطعت مصادر مطلعة في جوبا بوجود عقار بفندق «قاردن هوتيل» المقابل لسوق مدينة جوبا، وذكرت أن عقار موجود بالفندق ولا يتحرك كثيرًا ولايستقبل زيارات البتة. اجتماعات خاصة وقالت تقارير صحفية إن والي النيل الأزرق المعزول مالك عقار انخرط فور وصوله إلى مدينة جوبا قادمًا من الكرمك في اجتماعات خاصة مع مني أركو مناوي وعبد الواحد محمد نور وعبد العزيز الحلو وياسر عرمان الذي غادر أمس الأول إلى العاصمة أسمرا في زيارة بحث خلالها عدة موضوعات متعلقة بالعمليات الحربية في الولاية فضلاً عن إحاطة الجميع بمن فيهم أعضاء نافذون بحكومة الجنوب بمجريات الأحداث الأخيرة قبل مغادرته وموقف قوات الحركة بعد عمليات الجيش. أمر بالإعادة وكشفت متابعات أخرى عن اجتماع خاص ضم رئيس جمهورية الجنوب مع عقار أمره الأول بإعادة الآليات والاسلحة الثقيلة كافة الخاصة بالجيش الشعبي إلى رئاسة القوات في ولاية النيل وعدم الزج بها في القتال ضد جيش السودان مما يؤكد المعلومات الواردة أن عقار وصل لجوبا لمتابعة العمليات القتالية من هناك وضمان عدم توقيفه ومحاكمته التي لوحت بها قيادات الدولة بأن عقار خارج عن القانون ويقود بالتعمد تمردًا صريحًا على السودان، ورغم أن عملية الهروب مرتبطة في الغالب بالضعفاء رغمًا عن محاولات عقار الظهور بشخصية قوية لكنه بات من زمرة من ولّى أدباره.. وعمومًا يا خبر اليوم بفلوس بكرة «ببلاش» خاصة وأن معلومات وردت أمس عند الساعة السادسة مساء أفادت بعودة الرجل إلى الكرمك!! نقلا عن صحيفة الانتباهة بتاريخ :6/9/2011