لم تمنع كل المحاولات السلمية التي قامت بها الحكومة في الفترة الماضية من إشعال جذوة الحرب بولاية النيل الازرق، ورغم محاولتها اطفاء بؤر النيران عبر عدة آليات منها تمديد أجل المشورة الشعبية بالمنطقة، والتفاوض مع مالك عقار حاكم الولاية إلا ان الحرب دارت عجلتها، وأصبح الواقع يفرض ترتيبات جديدة ومختلفة تواكب مرحلة اللا سلم بالنيل الازرق، بجانب تبرير موضوعي ودستوري خاصة بعد الإتهامات المتبادلة بين طرفي المعركة حول من أطلق الرصاصة الاولى وفجر الأوضاع بالدمازين. الحكومة حسمت الجدل بشأن حق القوات المسلحة في صد الهجوم من قبل قوات الجيش الشعبي بالنيل الازرق، لأن الجيش مهمته حماية الارض والمدنيين، وكذلك إعلان الرئيس عمر البشير حالة الطوارئ بالنيل الازرق، وتعيين حاكم عسكري عليها، مع تأكيدات أن ما ذهب اليه يأتي من صلب الدستور بعد إسقاط المواد المتعلقة بالجنوب منه، بجانب حق الرئيس الدستوري في إعلان حالة الطوارئ لأي أمر عاجل يهدد أمن المواطنين لمدة ثلاثين يوماً وإن كان الوالي أو حاكم الولاية منتخباً، ومن ثم يتم عرضها على المجلس التشريعي القومي لتمديدها أو توقيفها حال زوال المؤثر الذي أعلنت من اجله حالة الطوارئ. الهيئة التشريعية القومية بالمقابل أعلنت عن دورة طارئة لها في الثاني عشر من الشهر الجاري للنظر في أمر الطوارئ بشأن ولاية النيل الازرق الذي اصدره الرئيس، وقال مولانا احمد ابراهيم الطاهر رئيس البرلمان، إن المجلس الوطني سينعقد ليقرر بشأن حالة الطوارئ إما بالموافقة أو الإعتراض، مع اشارة أنه في حال موافقة الهيئة على تمديدها سيتم تحديد مدة سريانها، والتأكيد على عدم حيادية البرلمان في ما يتعلق بأمن البلاد، وانه سيقف مع وحدتها وسلامتها الى جانب القوات المسلحة. وزارة العدل كجهة تشريعية أجازت ما ذهب اليه الرئيس البشير وايدت كل الإجراءات التي تم اتخاذها بشأن الوضع الطارئ في النيل الازرق، وأكدت أن التدابير والإجراءات كافة والمتمثلة في إعلان حالة الطوارئ وإعفاء والي الولاية وتعيين حاكم عسكري هي إجراءات تتسق مع الدستور والقانون، بالرغم من حديث البعض حول الشرعية الدستورية للوالي مالك عقار بإعتباره والياً منتخباً من جماهير ولاية النيل الازرق، ولا يحق لأي من كان عزله من منصبه. لكن مولانا محمد بشارة دوسة وزير العدل قال إن دستور السودان الانتقالي للعام 2005م ووفقا للمادة (210) أعطى رئيس الجمهورية الحق في إعلان حالة الطوارئ وما يتبعها من إجراءات في حالة حدوث طارئ يهدد أمن البلاد، وأن ما حدث في النيل الأزرق يندرج تحت هذه المادة، بجانب أن إعلان حالة الطوارئ من قبل الرئيس ليست مقتصرة على الظروف الامنية فقط، بل تتعداها إلى الكوارث الطبيعية نصت عليها المادة (211) في الدستور ومن بينها حل أو تعليق الأجهزة التشريعية والتنفيذية، وبرر وزير العدل عزل والي النيل الازرق لانه كان طرفاً في الاحداث التي شهدتها الولاية. النسخة المنقحة من الدستور الحالي اسقطت كل المواد المتعلقة بالجنوب هذا ما ذهب اليه السفير الرشيد ابو شامة، الخبير السياسي. وقال إن الدستور الحالي سيظل سارياً حتى اصدار دستور جديد للبلاد، وأكد صحة ما ذهب اليه الرئيس عمر البشير من اجراءات ضد والي النيل الازرق وعزله، واعلان حالة الطوارئ في الولاية، واشار الى حق الرئيس في عزل الوالي رغم انتخابه من جماهير الولاية، وقال إن للرئيس (30) يوماً بعد إعلان حالة الطوارئ، ومن ثم تعرض على المجلس الوطني لتمديدها أو توقيفها حسب الحالة الامنية بالمنطقة، وحال لم يلتئم البرلمان طيلة هذه المدة هنالك سلطات مفتوحة المدى للرئيس إلى حين اجتماع البرلمان. بالرغم من شرعية ما تقوم به الحكومة في النيل الازرق، إلا أن البعض يرى ضرورة إشراك القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني في الرأي والمشورة فيما ذهبت اليه الحكومة من مسوغات قانونية تدعم موقفها السياسي وتدحض الاتهامات الدولية وتقطع الطريق في وجه التدخلات الاجنبية. نقلاً عن صحيفة الرأي العام السودانية 6/9/2011م