تحليل سياسي أقرّت قوي المعارضة السودانية - السبت الماضي - بضعفها وهوانها وقلة حيلتها، وقال رئيس حزب المؤتمر السوداني إبراهيم الشيخ فى ندوة أقيمت بدار حزب الأمة مساء السبت الماضي ان حزب المؤتمر الوطني يمارس سياسة القوى على الضعيف لإدراكه – حسب تعبيره – بضعف القوى المعارضة. وتساءل الحضور بشيء من الريبة والتوجس عن أسباب غياب رؤساء قوي سياسية بعينهم عن الندوة التى يبدو ان التعويل عليها –كعادة القوى السودانية المعارضة – كان كبيراً، ولكن كانت الخيبة اكبر؛ فقد غاب كل من زعيم حزب الأمة القومي الصادق المهدي وزعيم المؤتمر الشعبي د. حسن الترابي و زعيم الحزب الشيوعي محمد إبراهيم نقد ورئيس حزب العدالة الأصل مكي بلايل، و بالطبع لم يحضر زعيم الحزب الاتحادي الأصل السيد محمد عثمان الميرغني . الندوة ايضاً جاءت بعد يوم واحد من فشل هذه القوى فى قيام تظاهرة – الجمعة – بغرض اتخاذ موقف حيال الحرب التى نشبت مؤخراً بأقصى جنوب شرقي السودان بولاية النيل الازرق، وهى المرة الثالثة التى تتوعد فيها القوى المعارضة بالنزول الى الشارع وتفشل، وكانت المرة الأولي الأشهر تلك التى كان مقرراً لها ميدان ابو جنزير وسط الخرطوم والتي اشتهرت بعبارة السكرتير العام للحزب الشيوعي التى خطها يومها على ورقة ووضعها فى الميدان (حضرنا و لم نجدكم) . زعيم حزب المؤتمر السوداني إبراهيم الشيخ الذى لا يعرف المراقبين له ولحزبه وجوداً يذكر فى الساحة السياسية السودانية بدا شديد الضيق جراء غياب القوى المعارضة، ما دفعه الى الإقرار العلني بضعف هذه القوى مجتمعة او منفردة وهو الإقرار الأول من نوعه من جانب القوى الحزبية المعارضة فى السودان بضعفها خاصة وان أحداً من حضور الندوة – وهم رجال الصف الثاني بأحزابهم – لم يعترض على توصيف الشيخ. ولعل هذا الامر يثير عدداً من النقاط والمؤشرات الهامة أولها اذا كانت القوى المعارضة السودانية تقرّ – بهذه الصراحة والشفافية – بضعفها وقلة حيلتها ما حاجتها إذن الى التظاهر والعراك السياسي غير المجدي، فالضعيف المقرّ بضعفه وقلة حيلته لن يصمد فى ميدان النزال السياسي، ومن ثم فهو ما ينبغي ان يكثر من التوعد والتهديد طالما انه لا يملك عناصر إنفاذ ما يتوعد به ويهدد به. الامر الثاني ان هذه القوى المعارضة - رغم ضعفها وعدم قدرتها على إزالة السلطة القائمة - تستكثر وتضيق على الآخرين مثل الأمة القومي بزعامة المهدي والاتحادي الأصل بزعامة الميرغني وبعض القوى الاخري اتجاهها للوفاق الوطني والتوصل الى حلول سياسية مع السلطة الحاكمة، فهي لا تفعل ولا تدع الآخرين يفعلوا. الامر الثالث ان هذا الضعف سيظل عقبة كئود أمام الممارسة الديمقراطية المطلوبة فى السودان ، فالضعف البنيوي والجماهيري والفقر فى الرؤى والأطروحات لا يثمر ديمقراطية محترمة، وهو يقودنا الى إثبات ان فشل المناخ الديمقراطي مرده دون أدني شك الى هذا الضعف لأن الممارسة الديمقراطية تتطلب قوي سياسية قوية ناضجة ذات مهارة، لا قوي خائرة ؛ لا هي قادرة على الفعل السياسي ولا قادرة على إنفاذ ما تهدد به ، ولا قادرة على السيطرة على تصريحاتها الممتدة لأكثر من مرمي أقدامها !