الأحداث التي تواترت من النيل الأزرق ما هي إلا إعادة إنتاج للأزمة المتطاولة في السودان والتي عصفت بالجنوب تماما بعد تضحيات نفيسة وغالية ومؤلمة وحارقة وفي اعتقادي أن السودان كله يدرك ما يريده مالك عقار وصحبه من الحركة الشعبية قطاع الشمال أن تبقى صورته في الفضائيات لا تغادر حيز الحروب والكوارث والمجاعات والنزوح و اللجوء ومن ثم التدخل الدولي ليفقد السودان محاولاته العديدة في الاستقلال ونقاء القرار السيادي مع الأزمات الحالية في ظل وضع اقتصادي مأزوم .... هناك اشارات أمل عديدة لتمسك الحكومة بزمام المبادرة ( السياسي ) وهي على تخوم الجمهورية الثانية التي تبحث فيه عن تراضٍ سياسي بين كل مكونات المجتمع في وثيقة تعاقد جديد ودائم ... ويمكن لهذا الدستور أن يحقق مقاصد كثيرة في الحريات والفصل بين السلطات المختلفة في الدولة وبث العدالة والمساواة على أن تشمل تلك اللجنة لكتابة الدستور أطياف المجتمع السياسي والاقتصادي وفئاته المختلفة ولا تقصي أحداً أو تحاصر آخر.... حتى تخرج الوثيقة ملبية لتطلعات وطموحات كل السودانيين ... وأعتقد أن فقهاء القانون الدستوري والسياسيين يدركون أزمتنا مع تلك الوثيقة التي تكتب آراء مميزة لكن سرعان ما تنتهك من الحكومات ... لذا لا بد من وضع ضوابط تغلق هذه الابواب تماما يدرك المرء كراهية الفعل المتمرد وثقله على الدولة وتبعاته السياسية والاقتصادية لكن ايضاً إدراك الحكمة بوضع السلاح لان البندقية لا تحل شيئاً إنما لغة الحوار والتفاوض والتفاهم هي التي تسمع منْ به صمم أو علة ظاهرة أو سقم في القلب ... والله ومن ورائه الشعب شاهد على المتمرد والخائن .... وحتى تكمل ( الانقاذ ) مشروعها الاصلاحي في محاربة الفساد المالي والسياسي ونشر المساواة والعدالة وتكافؤ الفرص عليها ان تمضي في معالجة هيكلة الدولة والقيام بالمشروعات التنموية الحيوية .... وهذه لا تتأتى خاصة في هذا الظرف الصعب الا بشفافية عالية وإشراك ( المواطن ) في الهم الوطني يجب ان تكون ( الجمهورية الثانية ) عملاً لا شعاراً فارغاً من المحتوى بل فعلاً خلاقاً يستمد شرعيته من ( دستور ) عصري يحدد شكل الدولة و يلهم أي مواطن باحساس المشاركة والعدالة والمساواة .... بهذا تخطو ( الانقاذ ) خطوات واسعة نحو الاصلاح السياسي رغم التحديات ( و التعديات ) بأسماء عديدة اعتقد ان ( المناخ العام ) يصغي إلى صوت معاقبة ( المتمردين ) وهذا قد تم بالفعل ... ليعلم منْ يتمرد على الدولة انه سيجد الشعب كله يقف ضده بحزم .... الحكومات كثيراً ما تخطئ ... ولكن الذي لا يستطيع ان يفرق بين معارضة الحكومة واللعب بالنار بكيان الدولة ... أعمى تماما أرى أخيرا ان الحكومة والمعارضة يجب ان تتفقا جيداً حتى تميزا الاشارات تماما بين المعارضة للحكومة وتقويض أركان الدولة فالأسوأ ان يعتقد البعض ان القوات المسلحة جيش لفئة دون فئة ... و هذا خطأ فادح. نقلا عن صحيفة الراي العام السودانية 13/9/2011م