تحليل سياسي رئيسي ما من طريق لحكومة جنوب السودان لكي تنكر دعمها المباشر المكشوف للتمرد ضد السودان. فالجنرال جورج أطور المتمرد على حكومة الجنوب قال فى تصريحات نقلت عنه مؤخراً أن عناصر من الجيش الشعبي التابع لجنوب السودان (قادة عسكريين كبار) يتجولون وساط قوات المتمرد الحلو والمتمرد عقار بغية إعانتهم ودعمهم بصورة مباشرة لمقاتلة الحكومة السودانية. وقال أطور انه (شاهد) على تحركات هؤلاء الضباط الجنوبيين الذين يريدون إنقاذ ما يمكن إنقاذه من قوات عقار فى النيل الازرق بعد ان بات الجيش السوداني قاب قوسين أو ادني من القضاء على قوات عقار! المتحدث باسم الجيش السوداني العقيد الصوارمي قال هو الآخر -السبت الماضي- ان الجيش السوداني رصد عناصراً من جيش جمهورية الجنوب تتجه صوب مناطق تمركز قوات عقار وأورد الصوارمي اسم العميد (كوج) والعقيد (أوين) للتدليل علي صحة معلوماته. الرئيس الأمريكي أوباما وضمن فعاليات الجمعية العامة للأمم المتحدة التى انعقدت أواخر سبتمبر الماضي التقي الفريق كير رئيس جمهورية جنوب السودان وقدم له نصحاً مباشراً بأن يكف عن دعم حملة السلاح ضد الحكومة السودانية وان يتخلي عن قطاع الشمال فى السودان الذى بات عبئاً أمنياً وسياسياً ثقيلاً. وزير الخارجية السوداني على احمد كرتي قال للصحفيين عقب جولة خارجية قام بها مؤخراً ان محادثاته مع المسئولين الفرنسيين فى باريس أسفرت عن عزيمة واضحة وتعهداً قوياً قدمه الفرنسيون بشأن الضغط على جمهورية جنوب السودان لتكف ايضاً عن دعم العمل المسلح ضد السودان وقال كرتي ان الجانب الفرنسي أكد انه على علم تام بما تقوم به جمهورية جنوب السودان فى هذا الصدد بما يعرقل قيام علاقة جيدة بين الطرفين وبما يمكن معه حلحلة قضاياهما العالقة. الفريق كير نفسه رئيس جمهورية جنوب السودان، قال مؤخراً أنه عازم على الجلوس مع الجانب السوداني لبحث القضايا العالقة، واستمع الى شروط الجانب السوداني المتمثلة فى كف الجانب الجنوبي – على الفور – عن زعزعة استقرار وأمن السودان. وهكذا يتضح بقدر غير قليل من الأدلة الثابتة ان جمهورية جنوب السودان تعبث بأمن واستقرار السودان، وهى بهذه المثابة تلعب كما يقولون – على المكشوف – غير عابئة ولا متحسبة للكلفة السياسية الباهظة لهذا اللعب، والأغرب من ذلك أنه وفى الوقت الذى يشعر فيه حلفاء جنوب السودان بخطورة هذا العمل وآثاره المدمرة، فان حكومة الجنوب لا تبدو بذات القدر من استشعار مخاطر ما تقوم به، وظلت ولا تزال تتمادي فى دعم الحركات المسلحة سواء فى جنوب كردفان أو النيل الازرق او دارفور. الخطورة فى هذا التمادي وفى ظل عدم إيلاء الاهتمام لنصح الناصحين ان حكومة الجنوب تفقد الغطاء السياسي والدولي فيما بعد إذا ما اتجهت الأمور الوجهة الحرجة ونَفَذَ صبر الحكومة السودانية ؛ كما أنها تفقد مزية التفاوض فى ظل معطيات عادية مواتية بشأن القضايا العالقة، والأكثر سوءاً من كل ذلك ان حكومة جنوب السودان سجلت (هدفاً فى مرماها) بقيامها بهذا الدور مانحة الحكومة السودانية عدداً من الخيارات جميعها تجعلها الأفضل دولياً وإقليمياً !