بدأت تنتاش مفوضية الانتخابات العامة في السودان- وعلي نحو مفاجئ- سهام نقد وطعن في مصداقيتها ونزاهتهما والشئ الغريب حقاً في هذا الطعن أنه يأتي (مقدما), وقبل حتي الدخول في المراحل الحية للعملية الانتخابية اذ أن عملية تسجيل الناخبين وبوصفها العملية التمهيدية نجحت نجاحا منقطع النظير ولم يستطع أحد الطعن فيها, وشاهدنا علي ذلك أن الطعون التي قدمت والماخذ التي أخذها البعض علي عملية التسجيل, فصلت فيها الجهات العدلية المختصه, ولم يمس هذا الأمر جوهر العملية نفسها ولم يقدم بأي حال في سلامتها, والشئ الغريب الاخر, أن رئيس وأعضاء المفوضية حين تم اختيارهم, بقرار من البرلمان السوداني فان اختيارهم تم بالتوافق والاقتناع التام بنزاهتم وخبراتهم, ولو كان هناك ما يشوب نزاهة أي منهم أو جميعهم لظهر ذلك في عملية الاختيار. اذن ما الذي استجد حتي الان لكي يلصق البعض علي المفوضية تهمة التحيز أو عدم النزاهة جريا علي مقولة محبي كرة القدم المعروفة (التحكيم فاشل)؟ الواقع انه وبمراجعة ما تم حتي الان من اجراءات, وهي عملية التسجيل ثم عملية فتح الباب للترشيح لم تظهر فيها وقائع بعينها تستدعي التشكيك في نزاهة المفوضية, كل ما هناك وما استطعنا الوقوف عليه أن بعض القوي السياسية الباحثة عن أي مشجب, أو ثغرة, أو حتي هفوة قالت ان شرط طلب (الفيش) وهو السجل الجنائي للمرشح غير مقبول بزعم أن هذا الشرط يشكك مسبقا في الحالة الجنائية للمرشح!! وبوسع القارئ أن يتأمل هذا النقد الغريب لشرط بديهي, يطلب عادة حتي من الذين يراد توظيفهم في وظائف عادية صغيرة دعك من مرشحين لمناصب سيادية وسياسية كبيرة تتطلب أن تكون شاغلها حسن السيرة والسلوك وبعيدا عن أي شبهات أو ادانات جنائية سابقة! هذا الزعم وبغض النظر عن أورده وما يهدف اليه لا يشير الي موقف جاد مخلص فالشرط عادي جدا ومطلوب بشدة ويعلم ذلك من انتقدوه. ماعدا ذلك لم نقف علي أي شئ يشوب عمل المفوضية, ولهذا فان التشكيك المسبق فيها وعلي هذا النحو غير الموضوعي هو من قبيل افساد الملعب قبل بداية المباراه. ويعجب المرء حقاً كيف يعتمد قادة القوي السياسية المعارضة علي فرضية قيام انتخابات عامة تديرها هي بنفسها بمساعدة قوي دولية, أو الأممالمتحدة كما قال بذلك السياسي المثير للجدل مبارك الفاضل؟ فقد طالب مبارك أن تشكل حكومة قومية, وبالطبع سيكون أعضائها هو وبقية القوي السياسية, وبجانبهم الأممالمتحدة لاجراء انتخابات (حرة ونزيهة)!! ان مثل هذا الموقف يكشف عن سؤ تقدير بالغ الغرابة اذ أن كل هؤلاء القادة السياسيين كانوا يعلمون منذ أربعة أعوام أن الانتخابات العامة قادمة لا محالة وأنها ستجري في ظل وجود حكومة الوحدة الوطنية وتم النص علي ذلك في الدستور الانتقالي سنة 2005م , وقام قادة هذه الاحزاب بتسجيل أحزابهم ملتزمين بشرط قبول الدستور وقبول اتفاق السلام, ما الذي استجد اذن ليعودوا ويطالبوا بعدما حانت اللحظة الحاسمة لتغيير الواقع؟ اننا لا ندافع مطلقاً لا عن السلطه الحاكمة ولا عن مفوضية الانتخابات ولكننا نبحث عن المنطق القويم المتسق مع نظافة اليد ولا نؤيد مطلقاً نشر الفوضي والتشكيك في كل شئ لتخريب عملية انتخابية هي من صميم حقوق الشعب السوداني وحده وليس قادة القوي السياسية الذين أعيتهم الحيل, وأعجزتهم السنوات واختلط رأسهم شيباً وسواداً!!