تحليل سياسي بالموت الذى انتهت به حياة نظام القذافي والمصير المحتوم الذى آل إليه الأسبوع الماضي يتحسس الآن الدكتور خليل إبراهيم (رقبته) ويضع يده على صدره. فطوال الأشهر والأسابيع الماضية كان خليل يؤمل ان تتغير الأمور ولو بمعجزة من المعجزات فى ليبيا ولا يُشيَّع القذافي ونظامه الى الأبد. الامر لدي خليل كان مجرد حلم سياسي بعدما سيطر طول الأمل وحب العراك، وإسالة الدماء على خليل. فنهاية نظام القذافي سواء باعتقاله او موته فهو بمثابة خطوة منطقية باتجاه رقبة خليل الذى تلاحقه اتهامات بمشاركته فى العبث بدماء الثوار والأبرياء فى ليبيا فى محاولة مستميتة لإبقاء نظام القذافي حياً يتنفس! لقد كانت فاتورة باهظة الثمن فورية الدفع، طلب القذافي وقتها من خليل بمزيج من جنونه المعروف وهياجه والحصار المحكم عليه ان يدفعها فوراً. الآن تشير أنباء الى إلقاء القبض على أحد معاوني خليل فى ليبيا ومن المحتم ان المقبوض عليه آجلاً أم عاجلاً سوف يرد اسم خليل على لسانه. كما ان الثوار الذين انشغلوا طوال الفترة الماضية غاية الانشغال بوضع اللمسات الأخيرة لإسدال الستار على نظام القذافي الى الأبد كانوا فى شغل تام عن خليل وعصبته، وكان حسابه مؤجلاً قبل قفل الحساب الأكبر! ولهذا فان خليل الآن فى مفترق طرق حقيقي، فالمعطيات هى دائماً التى تحدد النتائج والمآلات، وحين كنا ننتقد الاتكاء على دعم الخارج والمراهنة على الاجنبي والانطلاق من منصاته كنا نذكر بأن الثمن سيكون باهظاً وقيمة الفاتورة السياسية أعلي بكثير من اى تصور . خليل كان كل همه ان يدخل الخرطوم فاتحاً، تدين له السلطة ويأتيه الحكم صاغراً! ولم يكن يضع اعتباراً للمفاجآت والمتغيرات والتطورات؛ كما لم يكن يضع حساباً للغد فهو أسير لحظته ووقته الراهن، وتدفعه غبينه سياسية موتورة لا كابح لجماحها ولا رَادَ لنيرانه اللاهبة، وقد وصل به الامر درجة تبني اعتقال الرئيس البشير لصالح محكمة الجنايات الدولية معتبراً حركته آلية قادرة على ذلك. الآن خليل فى الموضع الذى لن يجد أحداً يحسده عليه، ملاحق من قبل الثوار الليبيين ولا يهم متي أين وكيف حتى ولو وقع اتفاق سلام وتحلل من السلاح والذخائر، و ملاحق من قبائل دارفور التى أصدر أمراً بإعدام أبنائهم من بين قادته الميدانيين، والثأر فى هذا الصدد مقدس. وملاحق من قبل الحكومة السودانية التى عممت فى حقه نشرة حمراء خاصة بالبوليس الدولي (الانتربول) وأمامه واقع صعب فى أنحاء دارفور يحتم عليه مواجهة الجيش السوداني فى ظروف غير مواتية . باختصار، خليل الآن مشغول بتحسُس رقبته من حين لآخر بأكثر مما هو مشغول بالدوحة أو بمهاجمة الخرطوم كما هدد؛ فالرجل بغير جدال لديه ما يشغله وما فيه يكفيه !