بعد أن بات معلوماً ومشهوداً أن الحركة الشعبية انقسمت سياسياً وتنظيمياً (التغيير الديمقراطي بزعامة أكول)، والانشقاق المرتقب في أي لحظة الذي اشارت له إرهاصات عن د. مشار نائب زعيم الحركة. بعد هذه الانقسامات السياسية، هل يمكن القول أن الاقليم الجنوبي نفسه كإقليم موحّد حتى الآن للانقسام الجغرافي؟ الواقع أن هذا السؤال ربما يبدو غير متصور بالنسبة لقادة الحركة ولربما قد يقابله بعضهم بقدر غير قليل من السخرية، ولكنه سؤال قائم ومن الضروري أن يجد الاهتمام من قيادة الحركة سواء تحسبت له، أو لم تتحسب، فقد اثار هذا السؤال الموقف المتكرر، وربما الثابت الذي ظل يقفه العميد تعبان دينق والي ولاية الوحدة، والذي يدل بأكمله أن دينق لن يتزحزح – مهما كان الثمن – عن الإمساك بمفاصل الولاية، فقبل نحو من عامين سقط دينق في انتخابات رئاسة الحركة في الولاية، ومع ذلك أصر على البقاء في منصب الحاكم رغم فقدانه لثقة التنظيم بالولاية. وقبل نحو من عامين أيضاً ظلت ترد أنباء تشير الى شكاوي تنهمر كما السيل على زعيم الحركة شاكية متضررة من ممارسات تعبان، وكان رئيس الحركة ولا يزال – ولأسباب غير واضحة – يتجاهل هذه الشكاوي حتى ملّها الناس وتركوها. وقبل أشهر تعرضت قرينة د. رياك مشار نائب زعيم الحركة، الوزيرة إنجيلا الى محاولة اغتيال في مدينة بانتيو عاصمة ولاية الوحدة، ولم يقترب احد – حتى د. مشار نفسه – من تعبان دينق ولم تتم مساءلته رغم خطورة الحادثة والغموض الذي احاط بها ولم يماط اللثام عنه بعد. وقبل اسابيع قلائل ايضاً اصطدم تعبان دينق عبر حرسه وقواته في الولاية بحرس يتبع للفريق فاولينو ماتيب نائب القائد العام للجيش الشعبي، وهو اصطدام تم تصويره على أنه مجرد حادثة عرضية وقعت عن طرق الخطأ. ولكن ماتيب قال وأكد أنها مقصودة، واضطر زعيم الحركة الفريق كير تشكيل لجنة تحقيق لم تخرج هي ايضاً – حتى الآن – بأية نتائج. والآن يزمع الفريق فاولينو زيارة الولاية، فما كان من العميد تعبان دينق الا وأن سارع بالضغط على زعيم الحركة لمنع ماتيب من زيارة الولاية لتفادي مواجهة جديدة ربما استعد لها ماتيب هذه المرة ولا يريدها أو يخشاها دينق. من هذه المؤشرات يمكن القول أن والي الوحدة تعبان دينق يعمل على العض بالنواجز، والأظافر وأسنة الرماح والبنادق على ولايته، الامر الذي يشير الى أن دينق، اذا اجبر على ترك منصبه لاحقاً او حالياً، وسواء بقرار رئاسي أو عن طريق انتخابات فانه قد يستخدم القوة للبقاء على سدة سلطة الولاية، وهذا معناه أن ما أشرنا اليه من امكانية محاولة دينق (فصل ولايته)، أو السعي لهذا الفصل – نجح أو أخفق – أصبح أمراً وارداً، فالرجل ربمال يريد الجلوس على آبار النفط في الولاية، وربما كان يرى أن المنطقة (منطقته) ومنطقة جزء من قبيلة النوير، أو أنه الأجدر - من بين كل قادة الحركة المنتمين الى النوير – بقيادة الولاية، ولا يدري أحد ما الذي يجعل زعيم الحركة رغم كل هذه المشاكل والمثالب الواضحة (يصبر) على دينق، كما لا يستبعد احد مطالبة دينق بتقرير مصير الولاية، ولا عجب ففي كنانة الجنوب السواني الكثير مما يثير الدهشة والعجب!!