أحيانا لا يحجب توقع نشوب حدث ما المفاجأة, ولعل هذا كان من أمر صدود القرار الرئاسي عشية أمس بموجبه أحال الرئيس عمر البشير القائد العام للقوات المسجلة (المشير عمر البشير) للمعاش مع تسوية مستحقاته بعد (21) عاما في سدة الحكم, منهيا بذلك أطول فترة يقضيها رئيس عسكري بالزى (الميري) في تاريخ السودان وبالتأكيد هي خطوة غير مسبوقة في السياسة السودانية لأنها المرة الأولي التي تترشح فيها شخصية عسكرية تتقلد الرئاسة لانتخابات ليبرالية وهي علي دفة الحكم, وهذا الوضع يعكس بوضوح أن اتفاق نيفاشا بدل كل أشكال العمل السياسي في المسرح السوداني لأن التغيير لم يأت عبر انتفاضات شعبية مثل ابريل وأكتوبر ولكن عبر تفاوض سياسي شاق ومعقد. أيا كان الأمر فان البشير قد خلع بزته العسكرية توطئة لدخول حلبة المنافسة علي انتخابات رئاسة الجمهورية وينتظر أن يقوم وفد من أنصار الرجل وحزب المؤتمر الوطني صباح اليوم بسحب استمارة الترشيح من مقر مفوضية الانتخابات ليدشن رسميا أجراءته القانونية للانتخابات الرئاسية. ومن المعلوم أن المادة (65) من دستور السودان منحت استثناء لرئيس الجمهورية والنائب الأول باحتفاظ الأول بمنصبه قائدا للجيش السوداني في الفترة الانتقالية علي أن يتولي الثاني قيادة الجيش الشعبي لتحرير السودان. ورهنت هذا الاستثناء بنهاية الفترة الانتقالية وتنص المادة التي بموجبها اعفي البشير من الخدمة العسكرية. أحكام انتقالية لرئاسة الجمهورية المادة (65) رئيس الجمهورية الحالي والنائب الأول قبل الانتخابات التي جري أثناء الفترة الانتقالية: أ/ يكون رئيس الجمهورية الحالي أو من يخلفه رئيسا للجمهورية والقائد الأعلى للقوات المسلحة السودانية وفقا لهذا الدستور. ب/ يكون الرئيس الحالي للحركة الشعبية لتحرير السودان أو من يخلفه, النائب الأول لرئيس الجمهورية ويتولي في الوقت ذاته منصبي رئيس حكومة جنوب السودان والقائد العام للجيش الشعبي لتحرير السودان وفقا لهذا الدستور. وبموجب النص أعلاه ينتهي الاستثناء الممنوح للرئيس ونائبه الأول قبل الانتخابات العامة ونجد أن المادة (12) من قانون الأحزاب السياسية لسنة 2007م منعت ضباط القوات النظامية من الانضواء تحت لواء الأحزاب ما عدا الرئيس ونائبه الأول التزاما بالدستور وفقا لمعادلات اتفاق نيفاشا. وأيا كان ثقل المفاجأة فان الثابت أن السودان قد دلف لحمي الانتخابات وكل حزب سيلقي بكل طاقته للفوز بثقة المواطن السوداني والعبرة بأن تجتاز البلاد هذه البوابة نحو التحول الديمقراطي ليتم امتصاص كل احتقانات العقود السابقة. وعلي الضفة الاخري فان الفريق سلفاكير إذا أراد خوض الانتخابات فهو ملزم أيضا بالتنحي عن الجيش الشعبي حتي يتساوي جميع المرشحين في الحقوق والواجبات وهذه أحدي قواعد العملية الديمقراطية. ولكن بنظرة أخري فان البشير بحكم أنه رئيس الجمهورية فهو القائد العام للقوات المسلحة ولكن هذه المرة بالزى المدني, وهذا تقليد دستوري متبع في كل أنحاء المعمورة. نقلا عن صحيفة السوداني السودانية 12/1/2010م