هنري يكشف عن توقعاته لسباق البريميرليج    تعادل سلبي بين الترجي والأهلي في ذهاب أبطال أفريقيا في تونس    تعادل باهت بين الترجي والأهلي في ذهاب أبطال أفريقيا    ((نصر هلال قمة القمم العربية))    باير ليفركوزن يكتب التاريخ ويصبح أول فريق يتوج بالدوري الألماني دون هزيمة    كباشي يكشف تفاصيل بشأن ورقة الحكومة للتفاوض    متغيرات جديدة تهدد ب"موجة كورونا صيفية"    مقتل مواطن بالجيلي أمام أسرته علي ايدي مليشيا الدعم السريع    تمبور يثمن دور جهاز المخابرات ويرحب بعودة صلاحياته    تقرير مسرب ل "تقدم" يوجه بتطوير العلاقات مع البرهان وكباشي    حملة لحذف منشورات "تمجيد المال" في الصين    بعد الدولار والذهب والدواجن.. ضربة ل 8 من كبار الحيتان الجدد بمصر    محمد وداعة يكتب: معركة الفاشر ..قاصمة ظهر المليشيا    مصر لم تتراجع عن الدعوى ضد إسرائيل في العدل الدولية    أمجد فريد الطيب يكتب: سيناريوهات إنهاء الحرب في السودان    زلزال في إثيوبيا.. انهيار سد النهضة سيكون بمثابة طوفان علي السودان    يس علي يس يكتب: الاستقالات.. خدمة ونس..!!    عصار الكمر تبدع في تكريم عصام الدحيش    (ابناء باب سويقة في أختبار أهلي القرن)    عبد الفضيل الماظ (1924) ومحمد أحمد الريح في يوليو 1971: دايراك يوم لقا بدميك اتوشح    مطالبة بتشديد الرقابة على المكملات الغذائية    السودان..الكشف عن أسباب انقلاب عربة قائد كتيبة البراء    شاهد بالصورة والفيديو.. "المعاناة تولد الإبداع" بعد انقطاع الماء والكهرباء.. سوداني ينجح في استخراج مياه الشرب مستخدماً "العجلة" كموتور كهرباء    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء سودانية تخطف قلوب المتابعين وهي تستعرض جمالها ب(الكاكي) الخاص بالجيش وتعلن دعمها للقوات المسلحة ومتابعون: (التحية لأخوات نسيبة)    بالفيديو.. شاهد رد سوداني يعمل "راعي" في السعودية على أهل قريته عندما أرسلوا له يطلبون منه شراء حافلة "روزا" لهم    مدير الإدارة العامة للمرور يشيد بنافذتي المتمة والقضارف لضبطهما إجراءات ترخيص عدد (2) مركبة مسروقة    قيادي سابق ببنك السودان يطالب بصندوق تعويضي لمنهوبات المصارف    شاهد بالصورة.. (سالي عثمان) قصة إعلامية ومذيعة سودانية حسناء أهلها من (مروي الباسا) وولدت في الجزيرة ودرست بمصر    آفاق الهجوم الروسي الجديد    كيف يتم تهريب محاصيل الجزيرة من تمبول إلي أسواق محلية حلفا الجديدة ؟!    شبكة إجرامية متخصصة في تزوير المستندات والمكاتبات الرسمية الخاصة بوزارة التجارة الخارجية    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني في الموازي ليوم الأربعاء    وسط توترات بشأن رفح.. مسؤول أميركي يعتزم إجراء محادثات بالسعودية وإسرائيل    "تسونامي" الذكاء الاصطناعي يضرب الوظائف حول العالم.. ما وضع المنطقة العربية؟    شاهد بالصورة.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تنعي جوان الخطيب بعبارات مؤثرة: (حمودي دا حته من قلبي وياريت لو بتعرفوه زي ما أنا بعرفه ولا بتشوفوه بعيوني.. البعملو في السر مازي الظاهر ليكم)    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    5 طرق للتخلص من "إدمان" الخلوي في السرير    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    أصحاب هواتف آيفون يواجهون مشاكل مع حساب آبل    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



معهد الدوحة" ينظم مؤتمر "العرب والقرن الأفريقي".. خبراء يدعون إلى تعزيز العلاقات بين الدول العربية والقرن الأفريقي
نشر في سودان سفاري يوم 28 - 11 - 2011

أكد الباحثون والأساتذة المشاركون في مؤتمر "العرب والقرن الأفريقي: جدلية الجوار والانتماء" الذي افتتحت أعماله أمس بفندق شيراتون الدوحة - وينظمه المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات (معهد الدوحة) - على الأهمية الكبرى التي تمثلها منطقة القرن الأفريقي للعالم العربي. وشدد المحاضرون في اليوم الأول من المؤتمر، على القدر الكبير من المكاسب التي يمكن للعالم العربي ولدول القرن الأفريقي أن يجنوها من تعزيز العلاقات بينهما، وتصحيح التشوهات التي تشوبها بفعل ثقل العوامل التاريخية والسياسية وتدخل القوى الغربية الكبرى في المنطقة.
وفي افتتاحه لجلسات المؤتمر، أوضح الدكتور عبد الوهاب القصاب الباحث المشارك في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، أنّ المركز بادر إلى تنظيم هذا المؤتمر، لسد فجوة خلّفتها قلة الاهتمام البحثي العربي بمنطقة القرن الأفريقي، على الرغم من الموقع الجغرافي المهم الذي تحتله المنطقة في جوار العالم العربي، مضافا إليه البعد التاريخي للعلاقة بين الجانبين. وأضاف القصاب، أن المؤتمر يدخل في سلسلة المؤتمرات التي يعقدها المركز منذ إنشائه في ديسمبر 2010، والتي تتناول علاقات العالم العربي بجوارها الإقليمي، بداية بمؤتمر العرب وإيران ثم العرب وتركيا، وبعدهما مؤتمر القرن الأفريقي. وأحال الكلمة بعده إلى الدكتور النور حمد، وهو أحد المساهمين في التحضير للمؤتمر.
إعادة الاعتبار لمكانة العلاقات
أثنى الدكتور النور حمد - رئيس قسم التربية الفنية بجامعة قطر - في كلمته الاستهلالية لأعمال المؤتمر، على مبادرة المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات بتنظيم هذا المؤتمر، شاكرا القائمين على تنظيمه والمساهمين فيه، على الجهد الذي بذلوه في جمع عدد كبير من الدارسين والمتخصصين من مختلف المشارب الفكرية والتخصصات الأكاديمية. واعتبر انعقاد المؤتمر تحت هذا المسمى، فتحًا جديدا وبداية مرحلة جديدة في التعامل مع جوانب العلاقة بين القرن الأفريقي والعرب.
وأوضح أن أهمية المؤتمر تنبع من أهمية الموضوع الذي يتناوله بالبحث، على اعتبار العلاقات الموغلة في التاريخ بين العالم العربي ومنطقة القرن الأفريقي، ويزيد من أهمية المؤتمر؛ أن منطقة القرن الأفريقي لم تحظ على أهميتها بالاهتمام اللازم في الأدبيات البحثية العربية. ومثلما تكتسي منطقة القرن الأفريقي أهميتها بالنسبة للعالم العربي، فإن العالم العربي مهم - أيضا - بالنسبة لدول القرن الأفريقي لنفس اعتبارات الجوار الجغرافي والتمازج التاريخي وكذا المصالح المشتركة، كما يرى أن تناول هذا الموضوع يصبح ذا أهمية مضاعفة في الوضع الحالي الذي تميزه التحولات العالمية وفي مقدمتها الحراك العربي أو ما يسمى بالربيع العربي.
تمازج عبر التاريخ وانكسارات
وقد انطلقت أعمال المؤتمر بجلسة تناولت المحور التاريخي في علاقة العرب بالقرن الأفريقي، وقد ترأسها الدكتور سيار الجميل رئيس وحدة الأبحاث في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات (معهد الدوحة)، حيث نبه في تمهيده لمداخلات المساهمين في الجلسة إلى أن البعد التاريخي يعد منطلقا جوهريا في فهم العلاقة بين العرب والقرن الأفريقي ويشكل التأسيس لنظرة أكاديمية واقعية لهذا التاريخ المشترك إحدى مقومات النهوض بهذه العلاقة وتطويرها خدمة لمصالح الطرفين. وأوضح أن تاريخ العلاقة بين العرب والقرن الأفريقي شهد مراحل سادها التناغم والاحتكاك الإيجابي مثلما شهد فترات تنازع وصراع بين الجانبين.
وكان البروفيسور يوسف فضل، رئيس كرسي الدراسات التركية في معهد الدراسات الأفريقية والآسيوية، أول المحاضرين في جلسات المؤتمر عن "بعض ملامح الروابط التاريخية بين الجزيرة العربية والقرن الأفريقي منذ فجر التاريخ حتى مطلع القرن التاسع عشر".
واعتبر البروفيسور فضل أن العلاقة بين القرن الأفريقي وشبه جزيرة العرب قديمة، وترجع إلى أكثر من ألفي عام. وأوضح مستوضحا أن التفاعل البشري بين الجانبين تفاعلها البشري كان على عدة مستويات: الاجتماعي والثقافي والاقتصادي،. وتناول وقدم في ورقته استعراضا لأبرز التفاعلات عبر التاريخ هذه المستويات منذ فجر التاريخ حتى القرن التاسع عشر؛ وتضمن ذلك: ومن بينها الهجرات البشرية، والعلاقات التجارية، والمؤثرات الدينية، خاصة انتشار الإسلام والتنافس المسيحي الإسلامي في المنطقة، وتأثير كل من التوسّع البرتغالي، والعلائق التجارية الرأسمالية الحديثة في التواصل بين المنطقتين.
وركزت الدراسة حول دول القرن الأفريقي الأربع، وهي: أثيوبيا، الصومال، جيبوتي، وأرتيريا. واتسعت الدراسة في بعض المراحل لتشمل الجزء الشمالي من السودان، وادي النيل والمناطق الساحلية (وما فيها من جزر) من كينيا وتنزانيا.
من جانبه أضاء البروفيسور عبد الله علي إبراهيم، أستاذ شرف تاريخ أفريقيا في جامعة ميسوري في الولايات المتحدة: كشف محنة زنجبار يدعم التعايش السلمي، واحدة من النقاط المظلمة في تاريخ العلاقة بين العرب والقرن الأفريقي، واعتبر أن العلاقة بين العرب والقرن الأفريقي اتسمت بمراحل طويلة من التواصل والتآلف لكنها شهدت حالات انقطاع كانت أبرزها وأحدثها في التاريخ المعاصر،
واستجلى البروفيسور إبراهيم "مذبحة" العرب في زنجبار التي أوقعتها الذي أنزلته بهم ثورة "الأفارقة" في العاشر من يناير 1964 بقيادة جون أوكولو، وقضت على سلطان العربهم في الجزيرة، وتعقّبتهم قتلا واعتقالا واغتصابا وتهجيرا فيما يوصف في المصطلحات الحديثة بالتصفية العرقية على الهويّة. هكذا مأساة كانت نسيا منسيا.
دفعت الباحث من خلال ورقته تدارك إستراتيجية عربيّة ناجعة بهجمة وأوضح أن هذه الثورة العرقية كانت مبنية على أيديولوجية "الزنوجية" أو عنصرية أفريقيا السوداء، وارتكزت في إثارة الأتباع الأفارقة على مناهضة "الرق العربي". ونبه إلى أن الدول العربية لم تع حينها ما حدث فعليا، وسُوّقت هذه الثورة على أنها ثورة ماركسية من الطبقات الكادحة ضد الأرستوقراطية، وتقبلها العالم العربي على هذا الأساس بداية بدعم جمال عبد الناصر لها، في حين أن ما حدث هو بالفعل جريمة إبادة عرقية تعرض لها العرب على يد أتباع جون أوكولو.
وأشار الباحث إلى الاعتقاد الخطر السّائد بأنّ العرب غزاة لأفريقيا وجماعة من المستوطنين، يدخل اقتلاعها في باب الثورة وصالح الأعمال. وكانت هذه العقيدة إطارا قلّ التّصريح به في مسألة جنوب السودان.
التنافس الدولي على منطقة القرن الأفريقي
وتناول بحث الدكتور النور حمد في محاضرته ضمن الجلسة الأولى للمؤتمر في الآثار الممتدّة للحملات الخديوية التوسّعية التي انطلقت من مصر في القرن التاسع عشر نحو جوارها الجنوبيّ في كلٍّ من السودان وإثيوبيا وإريتريا والصّومال، وعلى ما نتج من تلك الحملات من توجّس وإحساس بالريبة، واهتزاز بنقص في الثقة تجاه مصر وسط شعوب هذه البلدان. وقدم نقدا موضوعيا لانطلاق الساسة والنّخب المصرية من الإحساس المطلق بالاستحقاق، ومن الرغبة الصريحة في الاستحواذ. وهي منطلقاتٌ دفعت بالمؤسّسة الخديوية المصرية في القرن التاسع عشر إلى التوسّع في جوارها الجنوبي مستخدمةً القوّة العسكرية، ما تسبب في عجز النخب المصرية، عبر ما يقارب المائة عام، عن أن التتعامل مع الجوانب السلبية السالبة في الإرث الخديوي - العثماني، مشددا على أن النهضة لا تقاس بمعزلٍ عمَّا يصيب عامة الناس منها. فالكولونيالية الأوروبية قد أحدثت، نهضةً وتحديثا في أغلب البلدان التي احتلتها. ولكنها تركت، في نفس الوقت، آثارًا سالبة ممتدّةً كثيرة، ممّا حتّم نشوء الأدبيات الداعية إلى محو آثار الاستعمار.
واعتبر الدكتور حمد أن مسار مصر بعد أفول الحضارة الفرعونية اتجه نحو الشمال وتأثر بالحضارات الأوروبية بمعزل عن تطورات الأحداث في النوبة وبلاد السودان، وبقي الانقطاع حتى في فترة الحضارة الاسلامية وبالذات مع قدوم السلطة العثمانية وما تلاها من حملة نابليون وتولي محمد علي باشا حكم مصر، واعتبر أن غيبة مصر عن محيطها الجنوبي تعمّقت في الحقبة الخديوية. ولربما أمكن القول أيضا، إن التراكمات التي نتجت عن غيبتها الفكرية والوجدانية الطويلة، التي جعلتها تتصرف على نحوٍ غير متناغمٍ مع محيطها، هي بعضٌ من التراكمات التي قادت، حين بلغت ذروتها، إلى اندلاع ثورة 25 يناير2011 الشعبية.
الجلسة الثانية
وخصصت محاضرات الجلسة الثانية من المؤتمر التي ترأسها الأستاذ جمال باروت باحث في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، لتناول المحور السياسي الاقتصادي في العلاقة بين القرن الأفريقي والعرب.
وقد تناول البروفيسور بيتر ودورد، الذي عمل مستشارا لدى عدة جهات دولية وحكومية في القضايا الأفريقية، قضية المنافسة الدولية في القرن الأفريقي. وأشار إلى أن المنطقة تعد بؤرة توترات على ثلاثة مستويات: المستوى الداخلي والمستوى الإقليمي والدولي. وقدم نماذج عن التوترات التي تنخر القرن الأفريقي بداية بالنزاعات الداخلية مثلما وقع في الصومال والسودان، وبعد نهاية الحرب الباردة طغت نظرية الأمن الإقليمي على علاقات دول القرن الأفريقي، أي أن الأمن القومي لدولة ما يعتمد على الأمن في البلدان المجاورة. فثارت النزاعات فيما بين هذه الدول، فنشبت الحرب بين إثيوبيا والصومال عام 1977 /1978، كما تدخلت إثيوبيا في النزاع الداخلي في السودان من خلال تقديم الدعم للمتمردين في الجنوب. ومن ضمن النزاعات الإقليمية الكبرى في المنطقة أيضا الحرب بين أرتيريا وإثيوبيا.
تدخلات أمريكية
أما عن تدخل القوى العظمى في القرن الأفريقي، فقد أشار البروفيسور ودورد إلى أن الولايات المتحدة الأميركية كان لها تدخلات مباشرة في القرن الأفريقي خلال مرحلة الحرب الباردة وكانت لها علاقات قوية بالإمبراطور هايلي جيبري سيلاسي، وفي المقابل، كان للاتحاد السوفيتي أيضا تدخلاته في الصومال ثم ربط علاقات قوية مع إثيوبيا عندما قررت الولايات المتحدة التدخل بقواتها في الأزمة الصومالية، وعلى نفس التبادلي للمواقع بين القوتين كان الاتحاد السوفيتي قد وثق علاقاته ووجوده في السودان قبل أن تنزع الخرطوم إلى الاقتراب من الولايات المتحدة بعد انهيار حكم جعفر النميري.
والأكيد بحسب البروفيسور ودورد هو أن قطبي الحرب الباردة قد ساهما في تأجيج الصراعات في القرن الإفريقي من خلال تغذيتها بموارد التسليح، وبعد نهاية الحرب الباردة صارت الولايات المتحدة أكثر نفوذا في القرن الأفريقي محاولة الوصول إلى إقامة سلام شامل فيها، لكنها عجزت عن ذلك نظرا لأنها رغبت في فرض هيمنتها على المنطقة وتحديد طبيعة التسويات التي ستؤدي إلى إحلال السلام، وهو ما لم تستصغه دول القرن، وقد برز في الفترة الأخيرة فاعلون جدد في المنطقة تتقدمهم الصين والهند وماليزيا من خلال الوجود الاقتصادي الاستثماري في القرن الأفريقي، وأصبحت المصالح التجارية الاقتصادية للولايات المتحدة الأميركية ضئيلة بالمقارنة مع المصالح الصينية، وهو ما غير معادلة التنافس الدولي على المنطقة.
وحللت قالت الدكتورة إرما تاديا، أستاذ تاريخ أفريقيا الحديث في جامعة بولونيا في إيطاليا، تداعيات نشوء الدول الجديدة في أفريقيا على دول القرن الأفريقي. وقالت إن القرن الأفريقي يوصف في العقود الأخيرة بأنّه واحدٌ من أشدّ مناطق العالم ابتعاداً عن الاستقرار وخلوّاً من عمليات إحلال السلام، وبناء المؤسسات، وسيرورات التحول الديمقراطي. وتناولت في بحثها موضوع إريتريا، الدولة الجديدة التي وُلِدَتْ سنة 1993، في سياق التطورات السياسية الأخيرة التي شهدها القرن الأفريقي والبلدان المجاورة، وعملية الاستقلال/الحكم الذاتي في كلٍّ من إريتريا 1991، وأرض الصومال 1991، وجنوب السودان 2011.
وأشارت إلى التركيز على ما يجري اليوم من جدل بشأن إرث الماضي الاستعماري ودوره في إعادة تأطير دول القرن الأفريقي من الواجب النظر إليه في إطار تاريخيٍّ جامع، والتعامل معها بوصفه حالةً فريدةً بالنظر إلى الأحداث السياسية - التاريخية التي شهدتها أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.
القوى الدولية والإقليمية مسؤولة عن حل أزمات المنطقة
و قدم البروفيسور ودورد تحليلاً للعلاقة بين التنافس الإقليمي الذي تخوض غماره دول القرن الأفريقي وتنافس الفاعلين الدوليين الآخرين. وذلك من خلال تأثير الحرب الباردة والتنافس بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي على القرن الأفريقي والذي زاد من حدّة نزاعاته الوطنية والإقليمية. ويقول: اشْتُهِرَ القرن الأفريقي بمستويات النزاع فيه. ذلك النزاع الذي خيّم على دول المنطقة منذ أن لحقت بإثيوبيا المناطقُ المحيطة بها خارجةً من ربقة الاستعمار لتغدو دولاً مستقلةً بدءا من خمسينيات القرن العشرين، وكان على جميع هذه الدول أن تعيش نزاعات داخلية في السنوات اللاحقة.
تنافس دولي
ويختتم ودورد بالقول إنه لطالما كانت الصلات واضحة بين التنافس الدولي والإقليمي في القرن الأفريقي، وثمّة أدوار مهمة تؤديها القوى العظمى خاصةً الولايات المتحدة والصين، إلى جانب دول الجوار ومن بينها دول الجزيرة العربية، حيث كانت الدوحة مسرح محادثات دارفور الطويلة. وقد يساهم التعاون الاقتصادي من النوع الذي يربط بين السودان وإثيوبيا في الحدّ من التنافس على الموارد، خاصةً المياه، وفي الحدّ من الإرهاب، ومن التوترات داخل كلّ دولة وبين دول المنطقة على حدٍّ سواء.
من جانبها اشارت البروفيسور إجلال رأفت أستاذة الدراسات الأفريقية في جامعة القاهرة،إلى تقاطع المصالح القومية للدول العربية المطلة على البحر الأحمر ودول القرن الأفريقي. وأشارت إلى أن أهمية القرن الأفريقي حولته لمنطقة نفوذ غربي دائم
وأكدت البرفيسور إجلال أن الأهمية الإستراتيجية لمنطقة القرن الأفريقي، جعلتها دائما محلّ تنافس بين الدول الكبرى في مرحلة الحرب الباردة. ومع بداية النّظام العالمي الجديد في التسعينيات من القرن الماضي، تصاعدت حدّة هذه المنافسة وتعدّدت أطرافها، ولكنّها ظلّت ملعبا للدول الكبرى، وبخاصة الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة المتّحدة.
ولفتت إلى أن القرن الأفريقيّ يعج بالأزمات الخطيرة والمتباينة في طبيعتها وعمقها. فمن انهيار كامل لمؤسسات الدولة في الصومال ومزقته إلى ثلاثة أجزاء، إلى حروب إقليميّة بين بعض دول القرن (أثيوبيا وإريتريا)، وحروب أهلية في أكثر من دولة، أدّت في السودان إلى انشطاره وميلاد دولة جديدة في جنوبه. وقالت: في جوار هذا المشهد يقع البحر الأحمر والدول العربيّة المشاطئة له والمتأثّرة به كدول الخليج العربية، والتي تتّصل تاريخيًّا بشعوب القرن الأفريقي بوشائج ثقافية واجتماعية وسياسية.
إسرائيل تسابق العرب في القرن الأفريقي
وقد تواصل أعمال المؤتمر في جلسته الثالثة، التي ترأسها الدكتور هشام القروي الباحث في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، بالاستمرار في تحليل المحور السياسي الاقتصادي للعلاقة بين العرب والقرن الأفريقي.
وفي هذا أبرزت محاضرة الدكتور محمود محارب، الأستاذ في جامعة القدس، تدخلات إسرائيل في القرن الأفريقي. وأشار في هذا الصدد إلى أن إسرائيل تمكنت بفضل الأهمية التي أولتها لعلاقاتها مع الدول الأفريقية وبفضل التمويل الغربي لنشاطاتها في أفريقيا من إقامة علاقات دبلوماسية مع الغالبية العظمى من الدول الأفريقية في العقدين الأولين من تأسيس إسرائيل. واندفعت إسرائيل في منتصف خمسينيات القرن الماضي إلى إقامة علاقات وطيدة مع إثيوبيا على أرضية المصالح المشتركة بين الدولتين، خاصة مع شروع إسرائيل في بلورة "حلف المحيط" بهدف مواجهة مصر وإفشال مشروعها النهضوي الوحدوي بقيادة الرئيس عبد الناصر.
ويوضح الدكتور محارب أن إسرائيل كانت من أوائل الدول التي أقامت علاقات دبلوماسية مع إيريتريا. ولقد أولت إسرائيل أهمية قصوى إلى علاقاتها مع إريتريا بعد نيلها الاستقلال. ومن أجل تحقيق أهدافها، بذلت إسرائيل خلال العقود الماضية جهودا كبيرة في إقامة علاقات سرية وعلنية مع دول القرن الأفريقي.
تغلغل اسرائيلي
وألقت الدكتورة أماني الطويل، مديرة الوحدة الأفريقية في مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، محاضرة عن الأهداف الإستراتيجية لإسرائيل في القرن الأفريقي. حيث أبرزت الخصائص المفتاحية للموقع الإستراتيجي للقرن الأفريقي كون دوله تطلّ على المحيط الهندي من ناحية، وتتحكم في المدخل الجنوبي للبحر الأحمر حيث مضيق باب المندب من ناحية ثانية؛ ومن ثمّ التحكم في طريق التجارة العالمي، خاصّة تجارة النفط الآتية من دول الخليج والمتوجهة إلى أوروبا والولايات المتحدة. كما أنه يُعدّ ممرا مهمّا لأيّ تحركات عسكرية قادمة من أوروبا أو الولايات المتحدة في اتّجاه منطقة الخليج العربي.
وتوضح الدكتورة أماني أن طبيعة دولة إسرائيل الناشئة في محيط معادٍ، والتي تعتمد على الاستيطان كآليّة للاستمرار والتوسّع، تفاعلت مع معطيات القرن الأفريقي الجيوستراتيجية، ليتم وضع الأهداف الإستراتيجية الإسرائيلية طبقا لعدد من المحددات هي: تحجيم وتحييد القدرات العربية في إطار الصراع العربي الإسرائيلي، دعم متطلبات الأمن المائيّ الإسرائيلي التي تعد عماد استمرار الدولة وتوسّعها، حرية الملاحة الإسرائيلية في البحر الأحمر كأحد المعطيات المحلية للأمن الإسرائيلي، بما يشمله من توفير المتطلبات العسكرية والاقتصادية لدولة إسرائيل، دعم العلاقات السياسية مع دول القرن الأفريقي بما تمثله من كتلة تصويتية جزئية في المحافل الدولية ضمن الكتلة التصويتية الكلية للقارّة الأفريقية، والتي تصل حاليا إلى 54 دولة. وأخيرا محاربة ومحاصرة قوى الإسلام السياسي التي تعادي إسرائيل من منظور أيديولوجي، وتعتبر أن الصراع العربي الإسرائيلي هو صراع وجود وليس صراع حدود فقط.
وختمت الدكتورة أزهار الغرباوي، الأستاذة في مركز الدراسات الدولية في جامعة بغداد، الجلسة الثالثة من المؤتمر بمحاضرة عن النموذج الكيني للتغلغل الإسرائيلي في دول القرن الأفريقي. وقالت: لقد أصبَحَ لإسِرائيل اليَوم مُخطّطاتها الواضِحة مِن أجلِ التَغلغُل فِي دول القَرنِ الأفرِيقِي لِتَحقِيقِ أهدافِها المُتَعدِّدة وذلك لِلأهمية الاستراتيجية وَالاقتِصادية والأمنيّة والجيوسِياسية الوَاضِحة التي تَتَمَتّع بِها المنطَقة، لِذلِكَ فإنّ دخول إسرائِيل إلى القارَّة الأفريقية يُمَثِّل رُؤيَة استراتيجية مُخَطَّطا لَها تَقوُم عَلى الهَيمَنَةِ وَالتَوَسع فِي شَرقِ أفريقيا وَمنطَقة البُحَيرات العُظمى، مِن أجل تَحقِيق مُتَطلَّباتِ أمنها وَالذي يَقوُم عَلَى وجُودها الدائم فِي هذِه المنطقة.
ويستمر مؤتمر "العرب والقرن الأفريقي: جدلية الجوار والانتماء" الذي ينظمه المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات لمدة ثلاثة أيام، حيث يناقش في جلسات اليوم الثاني المحاور السياسية والاقتصادية والإستراتيجية والأمنية في علاقة العرب بالقرن الأفريقي إضافة إلى المحور الفكري والثقافي والاجتماعي. ويخصص اليوم الثالث من المؤتمر لتعاطي الإعلام العربي مع قضايا القرن الأفريقي
.نقلاعن الشرق القطرية
2011-11-28


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.