في اكثر من حادثة وغير ما موقف واحد كانت جوبا تلقي بالحجر باتجاه الخرطوم ،ثم تجلس منتظرة صراخ الخرطوم ، ولكنها تفاجأ بأن الخرطوم، تلقي عليها بحصاه واحده فقط فتصرخ جوبا ليسمع صراخها الجميع. فقبل أشهر خلت وبعد ما كان الاتفاق بين الطرفين علي تأجيل إصدار عملة جديدة لفترة انتقالية معقولة، حتي يتمكن كل طرف من تدبر أموره، وإعداد بيته من الداخل، ألقت جوبا بحجر تبديل عملتها علي الخرطوم وهي تعتقد أنها فاجأت الخرطوم وان الخرطوم سوف تهتز اقتصاديا ونقديا، ولكن كانت المفاجأة ان الخرطوم (أخرجت) عملتها الجديدة قبل ان تفيق جوبا من نشوتها الكاذبة، فكان الصراخ عاليا لخصه أموم وقتها وهو يغلي غضباً بأن الخرطوم تحارب الجنوب اقتصاديا! وقبل أشهر قلائل أيضا أمعنت جوبا في دعم المتمردين في جنوب كردفان والنيل الأزرق ودارفور واعتقدت ان بوسعها ارباك الخرطوم هذه المرة لأقصي مدي ولكن الخرطوم تمكن – في غضون أيام– من القضاء علي متمردي النيل الأزرق وجنوب كردفان وأضطرت جوبا لإستقبال (قادتها) الذين أوكلت لهم المهمة ليكونوا (لاجئين) في ضيافتها . وجربت جوبا– بعد كل هذا الإخفاق– توجيه الاتهام للسودان بدعم أعمال تمرد ضدها وكانت المفاجأة ان واشنطن نفسها الحليف الصديق لها (تأمرها) بأن تكف عن دعم المتمردين الناشطين ضد السودان بما يعني ان معركة جوبا في هذا الصدد ضد الخرطوم خاسرة وواشنطن ليست مستعدة للتعامل مع قضايا خاسرة والدفاع عن حليفتها التي لا تتمتع بالذكاء والمهارة المطلوبة فليس في كل حال وعلي كل حال تقف واشنطن مع حلفائها ! أخر ما جربته جوبا، أنها بادرت بتأميم ومصادرة شركة النفط السودانية المعروفة (سودا بت) التي تعتبر عماد عمليات البترول التي تمت والتي علي يدها أصبح البترول حقيقة ظاهرة للعيان. جوبا بررت خطوتها هذه بأنها ممارسة (سياسية) ولم تعبا مطلقا برد الفعل السوداني وكعادتها أعتبرت أنها ألقمت جارها حجراً لابد ان صراخه واصلها لا محالة، فإذا بالحصاة التي تلقيها الخرطوم تكاد تفقأ عيني جوبا الاثنتين.. فقد أوقفت وزارة النفط السودانية تصدير البترول الجنوبي وطالبت جوبا بالقيام بسداد متأخرات ما عليها من فواتير التصدير والنقل البالغة(727) مليون دولار .وهنا اسقط في يد جوبا فقبل أيام كان مفاوضها باقان اموم يتشدق علي الملا بان بلاده عازمة علي حلحلة قضاياها مع السودان بشراء ما تريده (بمليارات الدولارات)! وهاهي الآن تفشل في سداد مبلغ (727) مليون دولار فلو دفعته تكون قد خضعت للقرار السوداني المهين ولو رفضت تفقد موردها الرئيسي الأوحد .الأزمة دائما كما لاحظنا فيما يخص المواقف والقرارات التي تتخذها جوبا أنها لا تحسب حساب العواقب والنتائج الوخيمة فحين يقترب سؤ النية مع قلة الخبرة فان الأمر يبدو سيئا كل السؤ ،وقد كان من الممكن بل ومن السهل طوال الأشهر القليلة الماضية ان تحلحل حكومة جنوب السودان كافة مشاكلها مع السودان في مناخ ودي واخوي عبر الدبلوماسية والسياسة والتفاوض المباشر فان لم يكن لصالح الجانبين فعلي الأقل لصالحها ،اذ لم يعرف في تاريخ العلاقات الدولية ان دولة حديثة عهد ،تستأسد وتفرض إرادتها علي الدولة الأم العريقة !