عشية احتفال دولة جنوب السودان باختيار ملكة جمال من بين "16" أبنوسة ،كانت سوزان رايس تنقل للسيد سلفا قرار الإدارة الأمريكية القاضي بتخفيف العقوبات عن جنوب السودان للسماح بالاستثمار في القطاع النفطي ...وبذلك تكون الشركات الأمريكية حرة الآن في تصدير معدات لاستخدامها بالجنوب ، كما يمكنها أيضا نقل النفط والمعدات الأخرى عبر السودان من والي جنوب السودان . ومن قبل كان قد طالب كل من :"جون برندر غاست ،الرئيس المشارك لمنظمة كفاية المناهضة للإبادة الجماعية في دارفور ،ولوكا بيونق رئيس منظمة كوش ،واحمد حسين ادم مستشار زعيم حركة العدل والمساواة للشؤون الخارجية والقيادي في الجبهة الثورية السودانية "،طالبوا المجتمع الدولي بفرض حظر جوي علي طيران الجيش الحكومي بمناطق "النيل الأزرق ،جنوب كردفان وإقليم دارفور "كما طالبوا الإدارة الأمريكية بدعم الجبهة الثورية كبديل شرعي لحكومة الإنقاذ ،وذلك لدي مخاطبتهم ندوة نظمها قسم الشؤون الدولية بجامعة كولمبيا الأمريكية في نيويورك تحت عنوان "سودانا ن :للأفضل أم للأسوأ ؟".. وفي ذات المناخ قالت جنداي فريزر ،مساعدة وزيرة الخارجية للشؤون الإفريقية في إدارة الرئيس السابق جورج دبليو بوش :ان السودان لا يفهم ولا يستوعب ما تريده الولاياتالمتحدة، ولن يشكل تهديدا للأمن القومي الأمريكي بعد ألان وأشارت الي ان السياسة الأمريكية تعتمد علي المصالح وليس علي تعاقب الشخصيات ..وان واشنطن لن تطبع علاقتها مع الخرطوم في ظل النظام الحالي . ويوم الجمعة الماضي قالت الأممالمتحدة إنها تخشي وقوع المزيد من الاشتباكات بين السودان وجنوب السودان وإنها تعمل بجد علي نقل 20الف لاجئ بعيدا عن المنطقة الحدودية التي تتزايد فيها أعمال العنف . مع كل ما تقدم كان لابد لجمهورية جنوب السودان ان تستجيب لطلب أمريكا بزيادة وتيرة التصعيد الرسمي والسياسي والإعلامي ضد السودان وذلك تماشيا مع الخطة العامة الداعمة لإضعاف النظام ،ومن ثم محوه من الوجود محواً. لذلك ..وإمعاناً في إيصال رسالة مفادها ان مواعين التفاوض مع السودان قد نفدت ..خرج وزير خارجية دولة الجنوب نيال دينق نيال بتصريح يؤكد فيه ان حكومته أمرت جيشها بالتصدي للجيش السوداني وطرده من منطقة جاوا ، وأضاف ان الجيش الشعبي كان قد استعاد بعض المدن التي استولي عليها الجيش السوداني في وقت سابق وبالفعل تحركت عدة كتائب من بينها قوات تتبع لحركة العدل والمساواة وأخري تتبع لخليل إبراهيم ،واستقرت بمنطقة فارينق ،والتي وصلها السيد سلفا سرا وقام بمخاطبة تلك القوات حاثاً إياهم بضرورة دعم التمرد بمناطق النزاع ،كما وعدهم بمواصلة الدعم بكافة أشكاله بغية إسقاط نظام الخرطوم ..وبذلك تصبح الشكوى التي تقدم بها السودان لمجلس الأمن حول انتهاكات الجيش الشعبي للحدود ودعمه للتمرد في جنوب كردفان والنيل الأزرق .. تصبح عديمة الفائدة لجهة ان حكومة الجنوب تقدمت هي الأخرى بشكوى مماثلة معتبرة ان الجيش السوداني هو الذي ينتهك سيادة الدولة المسكينة الضعيفة . لكن ..أي شواطئ يمكنها ان تتصدي لهذا الموج الهادر ؟وهل هذا التصعيد يصب في مصلحة دولة الجنوب ؟ في تقديري ان هذا التصعيد يهدف لاستفزاز السودان عبر الإعلان عن عبور قواته المسلحة للحدود مع دولة الجنوب ومن ثم إعطاء الضوء الأخضر للجيش الشعبي لمساندة من ما يعرف بتحالف الجبهة الثورية للقيام بأعمال تخريبية ومحاولة تحقيق مكاسب عسكرية بمناطق النزاع الثلاثة ،وربما يقود هذا الموقف لجر السودان نحو حرب محدودة مع دولة الجنوب يتم تضخيمها إعلاميا تمهيدا لدعوة المجتمع الدولي المهيأ سلفاً لحشد قوة دولية علي الحدود بتفويض يفوق ذلك الممنوح لقوات اليونسفا الموجودة حاليا بآبيي ،أو دفع مجلس الأمن لاستصدار قرار بحظر الطياران ما يمثل أولي خطوات التقدم للجبهة الثورية التي قد أعدت لاجتثاث النظام القائم من جذوره . ورغم ذلك فان مكاسب هذا التصعيد سوف لن تكون أعظم من تلك التي ستتحقق لدولة الجنوب والمتمثلة في صرف أنظار الرأي العام الداخلي عن الفشل في إدارة الدولة وعدم إنشاء هياكل للخدمة المدنية وعدم مقدرة الجيش علي استئصال شأفة الثوار بولايات الوحدة وأعالي النيل وجونقلي ،والغلاء الطاحن الذي بدا يفتك بالمواطن ..وكل ذلك بمحاولة إيجاد عدو يكون قريبا من مخيلة المواطن العادي وتصويره له بأنه العدو الذي يجب التصدي له خلال هذه المرحلة . نقلا عن صحيفة الانتباهة بتاريخ :12/12/2011