أداء وزراء الحكومة الجديدة القسم أمام رئيس الجمهورية يعنى أنهم أمام مرحلة مهمة ، ومسئولية جسيمة تتناسب وخطورة تحديات الجمهورية الثانية ، وبعيدا عن الانتقادات التى صوبها الكثيرون للتشكيلة الجديدة التى ضمت أكثر من( 14) حزبا، إنفاذا لبرنامج الحكومة ذات القاعدة العريضة، برزت تساؤلات أخرى حول الميزات التى يحملها هؤلاء، ومدى قدرتهم على إحداث إضافات يمكن ان تعبر بالسودان متجاوزا أزماته بأمان . أزمات وصفها البعض بأنها أكثر تعقيدا وتداخلا، ربما لا يستطيع من رشحوا لإدارة المرحلة المقبلة ، إيجاد حلول عاجلة وناجعة لها . على شاكلة الأزمة الاقتصادية التى تفجرت فى عهد من عاد ثانية إلى دفة الحكم، ثم القضايا العالقة بين السودان ودولة الجنوب التى تفجرت وعادت من جديد على خلفية النزاع بين الطرفين حول قيمة السماح بتصدير بترول الجنوب عبر الشمال، بجانب تمرد الجيش الشعبي بولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان ، الذي استعصم على كل محاولات الحلول، ما جعل القوات النظامية تلجأ إلى تحجيمه وإضعافه عبر العمليات العسكرية التي ما زالت مستمرة ،بعد أن أكدت الحكومة الاستمرار فيها حتى يكون السودان خاليا من التمرد . بجانب أن قضية ابيى التى ظلت محل تعقيد وخلاف لم يحسم ما بين مطالبة حكومة الجنوب بسحب القوات المسلحة التى سيطرت عليها فى أعقاب الهجوم الذى قامت به قوات الجيش الشعبى واشتراط الحكومة السودانية باكتمال انتشار القوات الأثيوبية بالمنطقة حسب قرار مجلس الأمن الذى أصدره فى السابع والعشرين من يونيو . تحديات خارجية خاصة بعلاقة السودان بالخارج ودول الجوار بجانب تحديات أخرى ذات علاقة بسيادة السودان وترسيخ مبدأ الوطنية. بعض المراقبين أشاروا إلى ضعف قدرات من جاءوا مرة أخرى إلى سدة الحكم ،وأكدوا انهم ذات الشخصيات التى تسببت فى الازمات التى تواجه البلاد الآن ولن يضيفوا جديدا للوطن لا سيما وان المشاركة تمت فى غياب برنامج معلن متفق عليه . ولكن آخرين أكدوا أن من رشحوا إلى إدارة المرحلة المقبلة قادرون على ايجاد حلول عاجلة لمعالجة التحديات الآنية والقادمة بكل مافيها من تعقيدات وتداخل فى ملفاتها، واعتبروا ان لديهم خبرات يستطيعون عبرها المساهمة بقدر فاعل في إزالة الأزمات التى تواجه البلاد .وأشاروا الى أن ما طرحه الوزراء من برامج عقب أداء القسم يؤكد قدرتهم على إيجاد معالجات لتجاوز التحديات التى تواجه السودان. حيث ابتدر عبد الله على مسار وزير الإعلام مهمته بالشروع فى حملة شاملة للاصلاح فى الأجهزة الإعلامية وخلق إعلام حر ونزيه وشفاف يحافظ على ثوابت الأمة ،بجانب تأكيده على تحديث الآلة الاعلامية .بينما بث أحمد سعد الوزير بمجلس الوزراء تطمينات للشعب السودانى بأن حزبه الاتحادى دخل مشاركا بغرض تحمل المسئولية لخدمة البلاد. وأن يشهد السودان استقرارا وأمنا .فيما أشار غازى الصديق وزير السياحة الى أن الوزراء عقدوا العزم أن يبذلوا أقصى جهد ممكن والعمل سويا لإعلاء شأن الوطن وتأمين معاش الناس. وتعهد جعفر احمد عبد الله وزير الدولة بوزارة الزراعة بإعادة الزراعة سيرتها الأولى. بينما تعهد وزير الدولة بالمالية بالتعاون مع الوزير الاتحادى بتدبير أمر الاقتصاد السودانى بمسئولية ومصداقية . هذه بعض من برامج الوزراء الجدد بالحكومة الجديدة التى ربما تتفق مع برامج الحكومة التى أعلنتها فى وقت سابق . فيما أشار بعض الوزراء الى تبنى برامج واستراتيجيات لمواجهة التحديات الماثلة والقادمة. وقالت أميرة الفاضل وزيرة الرعاية والتنمية الاجتماعية إن أبرز التحديات التى ينبغى التركيز عليها فى المرحلة الآنية الحفاظ على الاستقرار الاقتصادى، واعتبرته أكبر معضلة تواجه الحكومة . وقالت فى حديثها ل( الرأى العام) ان وزارتها ستتخذ سياسات مهمة للحد من الفقر ومعالجة مشكلة الغلاء المعيشى التى انعكست سلبا على محدودى الدخل و ان الوزارة ستواصل فى إنفاذ خطتها التى وضعتها للحد من الفقر الذى يشمل عدة محاور منها الغذاء والصحة والتعليم بجانب تخصيص مبالغ مالية لدعم الشرائح الفقيرة . وأكدت ان الحكومة القادمة قادرة على تجاوز التحديات وخاصة الأزمة الاقتصادية بزيادة الموارد ومضاعفة الانتاج والاهتمام بصغار المنتجين ، إضافة الى مواجهة التحديات السياسية بمشاركة اكثر من(14 ) حزبا وتنظيما مما حقق هدف الشراكة الواسعة، معتبرة ان ذلك يعد مؤشرا لقدرة الحكومة على مواجهة كل التحديات . تحديات أشار البعض انها ستستعصى على الحل فى وجود بعض القوى السياسية التى رفضت المشاركة فى الحكومة العريضة، وظلت تلوح بإسقاط النظام ما يعنى ان الصراع بين الحكومة والمعارضة لن يتوقف. بينما قلل آخرون من اهمية هؤلاء او تأثيرهم على زعزعة الاستقرار ومقدرة من تبقى فى خانة المعارضة من القوى السياسية لإسقاط النظام خاصة بعد دخول الأحزاب ذات التأثير الأقوى فى منظومة التشكيل المعلن. لذا فقد أشار البعض الى ضرورة ان يحدث انسجام وتجانس بين الأحزاب المشاركة فى الحكومة لدحض تكهنات بعض الاحزاب غير المشاركة التى راهنت على تشاكس أحزاب الحكومة القادمة ، مبررة ذلك بغياب البرامج المشتركة لا سيما وان المرحلة المقبلة حبلى بالأزمات مثل قضية ابيى والنزاع بالنيل الأزرق وجنوب كردفان ودارفور على حد تعبيرهم . وتوقع مراقبون ان يحدث تجانس بين الاحزاب المشاركة وذلك لان التشكيل لم يتم على عجل بل بعد نقاش وحوار امتد الى عدة شهور واستندوا فى ذلك الى حديث الرئيس البشير عقب أداء الوزراء القسم حينما قال ( ان الاستغراق الطويل فى التشاور حول الحكومة كان بهدف ان تأتى متجانسة وفاعلة وتعمل كفريق واحد لقيادة البلاد فى المرحلة المقبلة ) وأضاف (نريد أن يرمى كل شخص بسهمه فى بناء واستقرار السودان) . بناء واستقرار السودان أكبر التحديات التى تواجه الحكومة القادمة بل هى فى مقدمة أولوياتها حسب ما أشار الرئيس البشير وكما توقع القيادى بالمؤتمر الوطنى د. ربيع عبد العاطى الذي اضاف فى حديثه ل(الرأى العام ) ان أهم اولوية للحكومة فى هذه المرحلة المحافظة على الاستقرار الاقتصادى وانعاش مشاريع التنمية وتشجيع الانتاج بحيث يمكن تحجيم غلاء الاسعار بجانب التحديات الخارجية التى تستهدف سيادة السودان وأرضه واستقراره . وأشار الى أن هذه التحديات تحتاج الى كفاءات وقدرات عالية تستطيع ان تعمل بتناسق ووحدة . واعتبر ان مشاركة(15 ) حزبا بينها أحزاب تاريخية عريقة ورموز اجتماعية وجماعات كانت تحمل السلاح، قادرة على تجاوز التحدى وان المرحلة المقبلة يمكنها ان تستعين بخبرات وعلماء لرفد التجربة بالمزيد من الكفاءات حتى يستقر السودان. نقلا عن صحيفة الراي العام السودانية 14/12/2011م