فرح كثير من أبناء الشعب السوداني بالاتفاق الأمني الذي وصل إليه وفد الحكومة ووفد الحركة الشعبية في مفاوضاتهما في العاصمة الأثيوبية والذي نص صراحة على إيقاف العدائيات.. وإيقاف جو الحرب الذي طغى في المرحلة السابقة.. الاتفاق رائع.. وأدخل الطمأنينة في نفوس المحبين للسلام والذين يريدون علاقات أخوية ومتوازنة بين الشمال والجنوب.. العالم الذي تدخل بصورة أو بأخرى.. ومارس دبلوماسية هادئة وضغوطا سياسية بشكل هادئ أيضاً ينتظر أن يكون هذا الاتفاق من الاتفاقات التي يجب أن تتسم بكل المصداقية.. وأن تحقق رغبات أبناء الشمال والجنوب معاً.. والذين عاشوا ويلات الحرب السابقة.. والتي لم تحقق للطرف الجنوبي أي مكاسب، وانما كل المكاسب نالها بالتفاوض المباشر.. وعلى دعاة الحرب عدم دق الطبول من جديد حتى نعود إلى نقطة الصفر من جديد.. الإلتزام بالاتفاق وبشكل صادق.. سيؤدي إلى المزيد من الاتفاقات وعلى رأسها إعادة ضخ البترول من جديد.. حيث سيستفيد منه الطرفان.. وأعتقد ان المفاوض الجنوبي قد درس الآثار المترتبة على الحرب.. ثم المترتبة على آثار إيقاف ضخ البترول.. وهو سلاح سوف يتضرر منه أكثر الأشقاء في الجنوب.. إن من مصلحة حكومة الجنوب وكذلك حكومة الشمال ان تكون العلاقات بينهما على ما يرام.. وان تكون الحدود مفتوحة بين البلدين وان تكون حركة التجارة منسابة، حتى لا يحدث أي اختناق اقتصادي أو تجاري للدولة الجديدة.. وحتى تكون دولة قادرة على الحياة.. الصراعات القبلية المسلحة في جنوب السودان يجب ان تجعل من عقل الحكومة عقلاً متفتحاً ومنفتحاً ويفرض عليها تعاملاً سليماً مع كل الجيران، وان من ساعدها في تصفية الجنرال أتور.. لن يساعدها في تصفيات آخرين.. تعلمهم هي تمام العلم.. وعليها ان تتعامل في الشمال تعاملاً صادقاً وشفافاً.. خال من التفكير الباطني الذي عرفت به الحركة الشعبية.. ان الحركة الشعبية لم تتغيرحتى بعد ان حققت حلمها الكبير في فصل الجنوب.. إذ ما زال اسمها قائماً الحركة الشعبية لتحرير السودان.. أي لها نية ان تحرر ما تبقى من أجزاء السودان، كما ان المانفستو ما زال هو هو لم يتغير حتى بعد انفصالها وتكوين حكومة جديدة مستقلة وذات سيادة.. وقد نشر بالامس تكوين المجلس القيادي للحركة الشعبية.. ومعظم عضويته من أهل الشمال.. واسمه ما زال اسمه السابق.. والغريب إعادة تكوين مجلس التحرير.. ولا ندري مهمة مجلس التحرير.. هل لتحرير الشمال من الشماليين أم تحريرهم من ماذا؟! كما ان اسم الحركة الشعبية لتحرير السودان، وقد كنت أظن انها لتحرير الجنوب.. لكن بعض الانفصال ما زال الاسم قائماً كله.. هذا تعبير عن نوايا سيئة ومواقف غير ثابتة بل ضبابية.. والحركة الشعبية تخشى ان تضيف أي كلمات جديدة مثل الحركة الشعبية للديمقراطية والعدالة.. لانها تعرف ان أهل الجنوب يعلمون تماماً.. ان الحكام لا يريدون.. لا ديمقراطية ولا عدالة.. لذلك أبقوا على الاسم القديم ليكون حافزاً لأهل الجنوب لتحرير السودان كله وهذا حلمهم القديم الذي لا يتكرر. المهم نحن في انتظار إلتزام الحركة الشعبية بالاتفاق الأخير وإذا التزمت ستكون كل الاتفاقات القادمة سهلة .. نقلا عن صحيفة الرأي العام السودانية 15/2/2012م