مذكرة مطولة حوت ما يفوق ال (12) بنداً، سهر ياسر عرمان ليخطها بعناية – بالغتين – الانجليزية والعربية ليضعها أمام اجتماع طارئ للمكتب السياسي للحركة الشعبية في العاصمة الجنوبيةجوبا، الأسبوع الماضي. محتوي المذكرة كان حول ضرورة المسارعة (للانقضاض) – كذا كان نص تعبير عرمان – على الحكومة السودان قبل فوات الأوان. وأفاض عرمان في محاولة شرح أسباب (ضرورة الانقضاض) اليوم، قبل الغد على الحكومة السودانية لإسقاطها حيث خفق يلف ويدور في صيغة إنشائية فضفاضية ومملة حول خلافات الوطني وضيق المواطنين من سياساته وموجة الغلاء، ولعل الغريب ومثير للدهشة حقاً، أن المذكرة بكاملها ورغم الجهد الكبير الذي بذله عرمان فيها لم تحو جديداً بحال من الاحوال فهي ذات الحيثيات التي درج معارضو الحكومة السودانية على ترديدها منذ تسعينات القرن المنصرم، وهي للمفارقة ذات الحيثيات التي بني عليها الميرغني يومها وهو رئيس للتجمع الوطني المعارض مقولته الشهيرة (سلم تسلم)! وبعد مضي أكثر من عقد ونصف، فإن الميرغني الآن جزء لا يتجزأ من نسيج السلطة الحاكمة. عرمان ركز جهده كله في حث الحركة الشعبية التي تدير دولة أجنبية، لضرب بلاده، والأغرب من كل ذلك إن عرمان الأجنبي قانوناً في دولة جنوب السودان والذي لم تتكرم عليه حكومة جنوب السودان رغم فضائله عليها بجنسيتها ولو عن طريق المجاملة والإكرام، يحرض هؤلاء (الأجانب) لضرب بلاده ويدعوهم لما هو أكثر من الضرب مستخدماً عبارة (الانقضاض) وهي كلمة تعني المباغتة والسرعة الخاطفة، والضرب الشامل الذي من شأنه شل حركة الخصم وعدم إتاحة الفرصة له لكي يفلت أو آن يدافع عن نفسه!. وينسي عرمان، أن الخرطوم لم يحدث أن انقض عليها أحد مطلقاً فحتى يلي أيام الحرب الضروس قبل اتفاقية السلام ما كانت مدن الجنوب تخشي انقضاض الحركة الشعبية وجيشها الشعبي ولا كانت تسمح لهم بان يهاجموا مجرد هجوم عصابي خاطف دعك من ان تسقط في يدهم! لقد استغرب قادة المكتب السياسي مذكرة عرمان التي تمنحهم دفعاً معنوياً في الضغط على الخرطوم، ولكن ذات هؤلاء القادة لا يخادعون أنفسهم ويرون أن بإمكانهم الانقضاض على الخرطوم، هم ادري بضعفهم وبقدراتهم المتواضعة، ولكن كان يكفي فقط أن يناوروا بأنهم يدرسون مذكرات سودانية تحلل لهم أوضاع وأحوال السودان ويستشهدون بهذه المذكرات والتحليلات للقول أن السودانين أنفسهم يحاربون حكومتهم دعك منا نحن. أن الأمر المثير للغثيان – مع أن عرمان لفرط أفعاله السيئة المعروفة – لم يعد يثير غثيان أحد هم أن عرمان بدا عدواً أكثر من رفاقه في حكومة جنوب السودان مع أنه يعلم أن كل من نصحهم بالعدوان على الحكومة السودان قد فشلوا في نصحهم به، فقد فشل الحلو في جنوب كردفان بعدما نصحه عرمان (بالانقضاض) على الحكومة السودان واحتلال كادقلي ثم تلاه عقار بعدما نصحه عرمان بالانقضاض على النيل الأزرق، وها هو عرمان يصل جوبا لينصحها هي الآخر بالانقضاض. عرمان عدو، وليس مجرد عميل يمكن أن يتراجع أو يعلن عن توبة!!