فى مذكرة دفع بها لإجتماع المكتب السياسي للحركة الشعبية فى العاصمة الجنوبيةجوبا - تلاها على الحضور - أمين عام الحركة الشعبية باقان أموم، متحاشياً – لأسباب غير معروفة – تعميم الورقة كتابةً على الأعضاء ؛ طالب ياسر عرمان المجتمعين بما أسماها (سرعة الانقضاض على النظام الحاكم فى الخرطوم) مشدِداً فى مطالبته هذه بأن أي تأخير فى هذا الصدد – على حدّ تعبيره – يفوِّت الفرصة وهي فرصة لا ولن تُعوض كما قال، لأن النظام فى أضعف حالاته! وأوردت المذكرة حوالي 13 بنداً، قال عرمان إنها بمثابة عوامل دامغة ومساعدة لعملية الإسقاط، منها على سبيل المثال ما قال إنها خلافات داخل المؤتمر الوطني وسخط عام من القوى السياسية المعارضة ومنظمات المجتمع المدني ووجود أزمات فى الوقود والغاز، كما أنَّ وقف ضخ النفط أعاق تحركات الوطني فى ميدان العمليات ووجود نذر مجاعة فى شرق السودان وارتفاع فى أسعار الدواء والغذاء، ورفض الجيش و الشرطة – حسب تعبيره – للحرب وأن هنالك ثورة عامة من المواطنين ضد المؤتمر الوطني. ولعل أول ما يمكن ملاحظته فى هذا الصدد ان المذكرة التى خطّها عرمان وهو بحسب متابعات (سودان سفاري) موجود منذ فترة ليست بالقليلة فى العاصمة الجنوبيةجوبا ولكنه متخفِّي لأسباب معروفة، هى مذكرة إنشائية ويصعب وصفها بأنها مذكرة سياسية إذ أنه ومن جملة 13 بنداً حاول عرمان أن يجعلها حيثيات يبني عليها دعوته للإنقضاض على النظام كما قال، فإن حوالي 8 بنود بدت متكررة، تكراراً مدهشاً، من المؤكد أن الذين تُليت عليهم لم يستطيعوا ملاحظة ذلك لأن القراءة ليست كالإستماع! ويُستشف من ذلك أن المذكرة صِيغت على عجل وبضغوط جنوبية فى توقيت متزامن مع تصريحات كلينتون وقرار لاهاي بتوقيف الفريق عبد الرحيم محمد حسين وزير الدفاع السوداني وعبر زيارة ممثلة الأممالمتحدة فى جوبا (هيلدا جونسون) ودخول رودلف وولف السيناتور الأمريكي الى مناطق فى جنوب كردفان. عرمان وجد نفسه (بلا معلومات) و (بلا منطق سياسي) ولهذا فقد حشد مذكرته بالمترادفات التى يصعب اكتشافها بسهولة؛ فقد ذكرت المذكرة وجود خلافات داخل الوطني – دون تفصيل ودون أدلة، ودون مؤشرات أو تحليل ولو مختصر لطبيعة هذه الخلافات، ثم عاد عرمان ليتحدث فى 8 بنود عن وقوف المواطنين ضد المؤتمر الوطني. فى كل بند كان عرمان يعيد ذات الحديث ولكن بصيغة وعبارات وجُمل مختلفة، ربما كان يراهن بها على (ضعف اللغة العربية) لدي أعضاء المكتب السياسي، وفى الوقت نفسه الاعتماد علي أن اللغة الانجليزية قادرة على احتمال المترادفات معنيً، وليس عبر كل كلمة تُكتب، لهذا قلنا كان أموم قد فضّل (تلاوتها) وليس (تداولها) وهى مكتوبة وسط الأعضاء، ثم مضي عرمان ليتحدث فى 4 بنود عن أمر واحد هو زعمه بوجود أزمة فى الوقود والغذاء وظل يكرر هذا الأمر (الواحد) فى أربعة بنود ظناً منه أن كثرة البنود أدعي لاقتناع الأعضاء! وأخيراً فإن من غير المعهود فى الممارسة السياسية حتى لدي من يبيعون هوياتهم وأوطانهم أن يعطي شخص (أسرار بلاده) وتوصيفاً - حتى ولو كان خاطئاً ومضحكاً - لقادة بلد آخر هم أعدي أعداء ذلك البلد، بل إن الأمر الأكثر أسفاً – وما أكثر ما يُؤسف بشأن عرمان طوال حياته – أن الرجل لم يطرف له جفن وهو يحرِّض دولة أجنبية على ضرب بلاده والإنقضاض عليها كما كان نص تعبيره! أىّ خيانة هى هذه وأيّ عجز وأىّ سقوط فى مستنقع إستخباري آسن؟!