الحريق الهائل الذي اندلع، يوم الخميس الماضي، في سوق (كونجو كونجو) أكبر الأسواق في جوبا عاصمة جنوب السودان نتيجة التماس كهربائي، كما يرجح شهود العيان،يعتبر حادثاً غريباً، ويرجح مراقبون بأن الحادث مدبر!، فالسوق الذي يعتبر من معالم جوبا الرئيسة، له شهرته الواسعة كأكبر سوق شعبي في دولة الجنوب، فهو يحتوي جميع السلع والبضائع من كل صنف ولون، ويغلب على تركيبة تجاره السودانيين المقيمين هناك بجانب عدد من الأجانب الذين وفدوا من دول وسط وشرق إفريقيا «الصومال، كينيا، يوغندا، إثيوبيا»، وقالت تقارير أن التحقيقات الأولية أشارت إلى أن الحريق الذي قضى على سوق «كونجو كونجو» ، تم بفعل فاعل، لإجبار التجار السودانيين الذين يشكلون أغلبية بالسوق، على المغادرة إلى السودان وإفساح المجال للتجار الجنوبيين والأوغنديين والكينيين.ويتوقع أن تؤدي كارثة الحريق إلى أزمة إنسانية يعاني منها الجنوب أصلاً، خاصة وأن السوق الذي احترق بالكامل يعد سوقاً رئيسية للمواد الغذائية. وتسبب الحريق في تدمير نحو 600 محل تجاري، وفشلت محاولات السلطات لإنقاذ السوق. والخسائر الأولية للحريق قدِّرت حتى الآن بأكثر من مائة مليون دولار، - حسب تسريبات محدودة- من جوبا، ولا تزال الأسباب مجهولة في ظل سلسلة من الحرائق المتواصلة التي انتظمت عاصمة الجنوب في الأسابيع الماضية والتي بدأت بحريق مكتب الرئيس حيث قضت على مكتب لرئيس الدولة ومكتب الأمين العام للحركة الشعبية وفندق في جوبا ومقر للحركة الشعبية وغيرها من الحوادث التي أثارت استفهامات عديدة وأسئلة غامضة تبحث عن إجابات . وقال شهود عيان في جوبا إنّ الحريق امتد لأكثر من (7) ساعات والتهم أكثر من ثلثي السوق،. وأشارت تقارير إلى أن الحريق اندلع مساء الخميس بسوق كونجو كونجو أكبر الأسواق في جوبا نتيجة التماس كهربائي، وتسبّب في تدمير نحو (600) محل تجاري، وفشلت محاولات السلطات لإنقاذ السوق، وقُدِّرت خسائر الحريق بملايين الدولارات، ويتوقع أن تؤدي كارثة الحريق إلى أزمة إنسانية يعاني منها الجنوب أصلاً، خاصةً وأنّ السوق الذي احترق بالكامل يُعد سوقاً رئيسية للمواد الغذائية. وتشير المتابعات إلى أنّ معظم المحلات التجارية كانت مُشيّدة (بالقش) وبعضها بالزنك، الأمر الذي زاد من الخسائر وعدم تمكن السلطات من إخمادها. وقالت تقارير أمس السبت أن التحقيقات الأولية أشارت إلى أن الحريق الأخير، تم بفعل فاعل، لإجبار التجار السودانيين الذين يشكلون أغلبية بالسوق، على المغادرة إلى السودان وإفساح المجال للتجار الجنوبيين والأوغنديين والكينيين. وما يلفت النظر في هذا السوق هو ذاك الكم الهائل من (السودانيين)الشماليين الذين يعملون في التجارة، وما يلفت النظر أكثر وجود الكثيرين من أبناء دارفور ومن وسط السودان، أما أكثر ما يلفت نظر الزائر لذاك السوق هو التقسيم المنظم للعمل هناك، فمثلاً محلات البقالة ينشط فيها أبناء دارفور، ومحلات الملابس يوجد فيها جنوبيون أما محلات بيع اللحوم (الجزارة) فيكثر فيها أبناء وسط السودان (الفتيحاب وغيرها).وخارج سوق كونجو كونجو يُلاحظ أن الكثير من محلات البقالة في مدينة جوبا يعمل فيها سودانيون، ولكن هنا تختلف الآراء، فبعض هؤلاء يراقب الوضع بحذر ويتخوف من انتشار العنف في المدينة ، وهذا يدفع بعضهم للتفكير في المغادرة على الأقل خلال الفترة القادمة. والغريب في الأمر أن السوق حرق بما فيه ونهبت بالعربات ما تم إنقاذه من بضائع خاصة أن التجار السودانيين الذين درجوا خشية من نهبهم في الطرقات وداخل البيوت على حمل إيراداتهم وأموالهم معهم فيتركونها في محلاتهم التي قضت النار عليها تماماً. وأتي هذا الحريق في وقت يتوقع أن يشهد الجنوب فيه وخاصة الاستوائية تردياً في الأوضاع الاقتصادية والتجارية وندرة في السلع والبضائع والمواد الغذائية وزيادة رهيبة في الأسعار، فضلاً عن رحيل أغلب هؤلاء التجار الذين أصبحوا الآن لا يملكون شيئاً ولا يستطيعون تعويض خسائرهم في الجنوب. ويذهب مراقبون إلى أن حادثة حريق سوق كونجو كونجو هو استهداف صريح للتجّار السودانيين ، فالحادثة (تشير) إلى وجود حالة من الشعور العام ضدهم في دولة الجنوب فالألف متجر التي قضت عليها النيران يملكها تجار سودانيون مقيمون قبل الانفصال وبعده هناك، والأعين الجنوبية لازالت تنظر بغضب لهؤلاء التجار الذين تعرّضوا لعمليات نهب منظمة خلال الفترات الماضية استهدفت ممتلكاتهم وأموالهم، بل تعدى الأمر أ، قامت حكومة الجنوب بمصادرة منازلهم وممتلكاتهم ومزارعهم إلى درجة أن نافذة للتفاوض فتحت لدى الاتحاد الإفريقي ولجنة ثامبو أمبيكي لمعالجة ممتلكات وحقوق قدامى التجار السودانيين. ويقع سوق "كونجو كونجو الشعبي" في جنوب مدينة جوبا عاصمة جنوب السودان. وتنطق كلمة كونجو كونجو هناك بتخفيف الجيم حيث تصبح أقرب إلى الياء. اسمه غريب ومميز ويروى أن معناه يدل على وجود كل ما تتخيله والكلمة أصلها شعبي وتطلق للشيء الذي يجمع بين كل المناقضات ويعتبر من أقدم الأسواق بجوبا ويجمع بين أزقته الضيقة مختلف السحنات الجنوبية ... وتتوزع النساء داخل السوق لبيع الخضر والفاكهة والتي يأتي معظمها من يوغندا و(كونجو كونجو) تعني في لغة الباريا (ماذا وماذا)، لكنها في هذا السياق تعني (كل شيء).هنا يتوفر بالفعل (كل شيء) من الملابس الأفريقية الطابع أو الغربية الطابع انتهاء بملابس شمال السودان مثل الجلابية والطواقي التي تُضع في الرأس، والمركوب السوداني. كما تُباع الأطعمة الجاهزة والخضروات والبقوليات وغيرها من السلع الأخرى..... وفي الآونة الأخيرة برز اتجاه وسط التجار السودانيين العاملين بدولة جنوب السودان لتصفية أعمالهم والمغادرة بعد قيام قوات الأمن والاستخبارات بالجيش الشعبي بتنفيذ حملة اعتقالات طالت المواطنين الشماليين العاملين بالتجارة في دولة الجنوب في الشهور الأخيرة. وأبدى عدد من التجار الشماليين بالجنوب استغرابهم من معاونة بعض منسوبي الحركات الدارفورية المتمردة الموجودة بجوبا للجيش الشعبي في القيام بالاعتقالات.وفي ديسمبر الماضي تناولت تقارير صحافية تفاصيل اغتيال رجل الأعمال السوداني محمود عبيد الشهير بجودة، بواسطة استخبارات الجيش الشعبي بمدينة واو بعد أن استولوا منه على مبلغ «323» مليون جنيه. وأكدت التقارير أن الاغتيال كان جزءاً من مخطط استهداف السودانيين لإبعادهم من دولة الجنوب، وقد راح ضحية ذلك عدد من السودانيين، إلى جانب تعرض العديد منهم إلى محاولات اغتيال. وأكدت التقارير – حينها - وجود عمليات تخويف وابتزاز تمارس ضد السودانيين بدولة الجنوب ، وأشارت التقارير إلى أن حكومة دولة الجنوب لم تحقق في أي من الجرائم السابقة ، وفي نوفمبر الماضي قُتِل أربعة تجار سودانيين بنيران جندي بالجيش الشعبي بدولة جنوب السودان في مقاطعة الرنك بولاية أعالي النيل ، وجرح اثنان داخل السوق الشعبي ، وسادت الفوضى أرجاء السوق عقب إطلاق الجندي النار على التجار. وكشفت تقارير صحافية – وقتها - قيام الجندي بتجميع ستة تجار من أبناء شمال السودان بالسوق الشعبي للرنك وإرهابهم تحت تهديد السلاح ومن ثم إطلاق أعيرة نارية عليهم وهم عُزّل ، وأدت طلقات الجندي لمصرع أربعة منهم في الحال وأصابت اثنين آخرين أثناء المقاومة. وأشارت التقارير إلى أن السلطات الأمنية تمكنت من القبض على الجندي، وتعود أسباب الاعتداء وفق إفادات الجندي الأولية بأنه قدم من الدمازين أمس، وقال للتجار قبل إطلاق النار عليهم بأنه جاء للانتقام ، وقامت الشرطة بفتح بلاغ والتقصي وراء الحادث.جدير الذكر أن التاجرين السودانيين اللذين قتلا هما عماد سعيد من منطقة نايل غرب الحصاحيصا بولاية الجزيرة ، وطارق صديق عبد الباقي من منطقة الحديبة شرق مدني بولاية الجزيرة نقلا عن صحيفة الرائد السودانية 11/3/2012