أعلن إتحاد عام غرف النقل – وهو اتحاد سوداني غير حكومي – عن إيقاف حركة التجارة في الحدود الجنوبية للسودان (حدود السودان مع جمهورية جنوب السودان)، وقال الاتحاد في تصريحات صحفية – الأربعاء الماضية – أن القرار أملاه الظرف الأمني غير المواتي والتفلتات العديدة التي تقع للشاحنات وعربات النقل في تلك المناطق بما بات غير مشجع للتجار وأصحاب الناقلات للاستمرار عقب تجاهل سلطات حكومة جنوب السودان للنداءات المتكررة بضرورة العمل على توفير الأمن في الحدود، والحد من الأنشطة السالبة لبعض العناصر المسلحة المتفلتة. ويجئ هذا التطور في ظل تردي متنامي في علاقات البلدين الجارين بلغ ذروته بالقرار الذي أصدرته جوبا بوقف تصدير النفط عبر السودان بما اعتبر في السودان ضغطاً اقتصادياً غير مبرر على الخرطوم بغرض دفعها لتقديم تنازلات في ملفات القضايا العالقة. كما أن هذا التطور يجئ ليؤكد أن حكومة جنوب السودان وبعيداً عن علاقات البلدين المتجازبة، لا تولي كثير اهتمام للجوانب التعاونية، والقضايا المتصلة بالشؤون ذات الطابع الاستراتيجي التي تهمها هي قبل أن تهم السودان، اذ المعروف أن حجم التبادل التجاري بين البلدين هو الأكبر بل أن كافة احتياجات دولة جنوب السودان من الأغذية والسلع والبضائع ذات الطابع الاستراتيجي (الذرة، الدقيق، الملح، السكر) إنما ترد إلى الجنوب من السودان وهي الأقل كلفة، الأسرع وصولاً، الأكثر جودة من غيرها ومن المستحيل تماماً أن يستغني جنوب السودان حاضراً أو حتى مستقبلاً عن هذه السلع والأغذية والاحتياجات الإنسانية أو يجد لها بديلاً، مع كل ذلك فإن دولة جنوب السودان تبدو غير آبهة بما قد يجره هذا الوضع من أزمة خانقة داخل أقاليم الجنوب خاصة وأن السلطات السودانية – بحسب متابعات سفاري – تحكم سيطرتها على الحدود والمداخل منعاً للتهريب والتحركات المخالفة للقانون بعد ما فشلت حكومة جنوب السودان في توفير الحد الأدنى للأمن على حدودها لتسهيل انسياب السلع والبضائع. وتقول مصادر حكومية في العاصمة السودانية الخرطوم أن الخرطوم لم تتخذ قراراً بعد، بوقف حركة السلع والبضائع بين السودان وجنوب السودان ولكنها بالمقابل لا تجيز لوسائل النقل وغرف النقل بالمخاطرة وعبور حدود غير آمنة بما يلحق بها خسائراً فادحة خاصة – والحديث لا يزال للمصدر – وان حكومة جنوب السودان قامت مؤخراً بطرد الآلاف من مواطني السودان المقيمين في جنوب السودان ومنعهم من أخذ ممتلكاتهم وأموالهم في سلوك استهجنه الكل جنوباً وشمالاً لأنه لا يمت إلى علاقة الدم المشترك بين الجارين بصلة. إذن توقف حركة السلع والبضائع بين السودان وجنوب السودان سببها المباشر – وفق ما أوردته غرف النقل – انعدام الأمن على الحدود واستهانة الجانب الجنوبي بهذا الجانب الهام وليس سياسة سودانية، مقصودة، وان كانت بعض الجهات المسئولة في الخرطوم ترى أن الحركة الشعبية الحاكمة في جنوب السودان من الضروري أن تمنع من كافة الوسائل التي تتيح لها التلاعب بعلاقات البلدين ومصائر شعبيهما بعدما أصبحت تعمل – عبر إستراتيجية أجنبية معادية – على إلحاق الأضرار بكلتا الدولتين وإعاقة تقدمهما.