قالت مصادر دبلوماسية واسعة الاطلاع هاتفتها (سودان سفاري) من العاصمة الأميركية واشنطن أنها لا تستبعد أن تكون خطة الهجوم الفاشل للجيش الشعبي على أراضي سودانية، وتحديداً مناطق إنتاج النفط في هجليج بجنوب كردفان (خطة أمريكية قديمة) عمرها أكثر من عام. وقال المصدر أن منطقة هجليج النفطية لم تكن موضع نزاع قط في الفترة الماضية، وألمحت المصادر إلى أن المندوبة الأمريكية في مجلس الأمن (سوزان رايس) الممسكة بملف العلاقات السودانية الجنوبية هي التي دبرت الخطة في وقت سابق، وعملت على إنفاذها عند اشتداد أوار الخلاف النفطي يبن البلدين. وتدور فكرة الخطة ببساطة شديدة – بحسب المصادر حول الاستيلاء على هجليج توطئة لمقايضتها بمناطق أخرى وملفات أخرى، وهذا هو السر في إثارة وفد التفاوض – لأول مرة – لقضية هجليج في آخر مفاوضات جرت بين الطرفين مطلع مارس الماضي في أديس أبابا، والذي قام الوفد السوداني بإغلاق الباب أمام مناقشته وانتهت المفاوضات على ذلك. وتساءلت (سودان سفاري) عن طبيعة المخاطر التي كان من المحتم أن تنجم عن الهجوم، وأجابت المصادر أن السرية المحكمة التي أحيط بها الأمر جعلت من فرضية نجاحه أقل من 1% لأن القادة الذين أوكلت لهم المهمة لم تكن لديهم مساحة كافية للتحرك ومناقشة الخطة كما أن الرئيس كير نفسه لم يحط بالعملية إلا بعد بدء الهجوم وهو ما جعله يظهر بمظهر الكاذب الذي كذبته الوقائع على الأرض. وتشير المصادر إلى أن الهجوم على هجليج كان يستلزم احتلالاً عسكرياً كاملاً يقوم به الجيش الشعبي، يتم بعده وقف إنتاج النفط، بحيث يتأثر الجانب السوداني بالأمرين. الاحتلال، ووقف إنتاج النفط ويشكل ذلك عنصر ضغط شديد عليه ويسارع بتقديم تنازلات، وفي حالة استمرار المعارك يسارع مجلس الأمن الدولي بعقد جلسة طارئة يدين فيها المواجهات الجارية ويقرر إرسال قوات حفظ سلام إلى المنطقة وهو ما يحقق للجانب الجنوبي والأمريكي رغبة قديمة منذ أن زار مجلس الأمن المنطقة قبل إجراء الاستفتاء على تقرير مصير الجنوب قبل نحو من (3) أعوام حين طالب الرئيس الجنوبي باستجلاب قوات دولية في المنطقة ورفض الجانب السوداني ذلك واتضح يومها أن الطلب الجنوبي كان بإيعاز من السيدة رايس. وعلى ذلك يمكن القول أن واشنطن هي في الواقع من تلعب هذه اللعبة الخطرة بالنيران قرب مواقع البترول السوداني فهي تعلم أن المنطقة (هجليج) تقع ضمن أراضي سودانية لا خلاف حولها، ولكنها تود رهن البترول السوداني عبر عملية احتلال ووقف لعمليات النفط حتى تتمكن من خنق السودان وإجباره على القبول بما تفرضه. وربما لهذا السبب قدمت الولاياتالمتحدة طوال الفترة التي سبقت الهجوم على هجليج (جزرات عديدة) للحكومة السودانية في عملية الهاء واضحة، فقد قدمت جزرة بخصوص إمكانية إحضار مراقبين لمحكمة جرائم دارفور، وجزرة أخرى بخصوص تحسن الأوضاع في دارفور وجزرة أخرى بخصوص إمكانية معالجة قضايا السودان الخاصة بالديون ودعت الجانب الجنوبي – في ذات إطار الجزرات – للكف عن دعم المتمردين الدارفوريين، وفي آخر جزرة قالت واشنطن أنها لا تمانع من أن يعمل برنامج المعونة الأمريكية في دارفور وجنوب كردفان لإيصال الدعم للمحتاجين. كانت واشنطن تلعب وتتلاعب بالجانب السوداني، تقدم وعودها وتلوح بالحلوى هنا وهناك بينما خططها الخطيرة تجرى من تحت الجسر!