تهاجم وسائل إعلام وشخصيات سياسية أميركية، الصين باستمرار لارتكابها انتهاكات مزعومة ضد حقوق الإنسان، في حين يغضون الطرف عن انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبتها الولاياتالمتحدة في خضم حربها على الإرهاب، ومنها على سبيل المثال، استخدام التعذيب في سجن أبو غريب في العراق، والاحتجاز غير القانوني للمشتبه فيهم في معتقل غوانتانامو، واعتقال مواطنين من دولة إلى أخرى خارج إطار القانون، والمراقبة غير المصرح بها لمواطنيها، وهي بعض من الانتهاكات الأميركية لحقوق الإنسان، الموثقة بشكل جيد. وتتضاءل أهمية بعض الحقوق، مثل حرية التعبير وحرية الصحافة وحرية الدين، أمام الحقوق الأكثر جوهرية بالنسبة لحقوق الإنسان، وهي الحق في الحياة، بما ينطوي عليه ذلك من الحق في الشعور بالأمن من أي عمل أو ظروف تهدد الحياة، مثل العدوان العسكري أو الأعمال الإجرامية، أو أي تهديدات من شأنها أن تعرض حياة الناس للخطر. ومع أخذ ذلك في الاعتبار، دعونا نقارن الصين والولاياتالمتحدة، لنعرف من هو المنتهك الحقيقي لحقوق الإنسان. لقد كانت القوات العسكرية الأميركية المسؤولة عن قتل الآلاف، وربما الملايين، من المدنيين في جميع أنحاء العالم خلال العقد الماضي. وفي الوقت الذي لا توجد أرقام دقيقة لعدد القتلى المدنيين في العراق، فإن مسوحات أجريت على عائلات عراقية، طلبت من العراقيين سرد أفراد الأسرة الذين فقدوا في الحرب. حيث تم ربط النتائج بإجمالي عدد السكان للحصول على التقديرات على مستوى البلاد. أما مجلة "لانسيت" الطبية البريطانية البارزة، فقد واجهت عاصفة من الجدل عندما نشرت مقالة كتبها باحثون من جامعة جونز هوبكنز في بالتيمور الأميركية، قاموا بتحليل نتائج مسح أجري على عينة تم اختيارها عشوائياً يقدر عددها ب1849 أسرة، نسبة إلى مجموع سكان العراق، حيث أظهرت تقديرات الباحثين أن هناك 655 ألف حالة وفاة حدثت بين شهري أبريل عام 2003 ويونيو 2006، إلا أنه في عام 2007، أجرت مؤسسة أبحاث الرأي البريطانية، مسحاً شمل 1720 من البالغين العراقيين، وتوصلت النتائج إلى رقم كان أعلى من ذلك بكثير، بحد أدنى يقدر ب733 ألفاً و158 مدنياً، إلى حد أقصى يقدر بمليون و446 ألفاً و63 مدنياً عراقياً لقوا مصرعهم. أما منظمة "إحصاء قتلى العراق"، وهي مجموعة بحثية مستقلة مقرها بريطانيا، وتقوم بإحصاء أعداد القتلى من المدنيين في العراق من خلال أدلة وثائقية، مثل تقارير وسائل الإعلام والمستشفيات وسجلات المشارح، فتشير بياناتها إلى سقوط ما لا يقل عن 105 آلاف و753 عراقياً. ومع أنه ليس هناك رقم واحد لإجمالي عدد المدنيين الذين قتلوا في الحرب التي امتدت عشر سنوات في أفغانستان، فإنه وفقاً لأحدث تقرير صادر عن الأممالمتحدة، هناك 12 ألفاً و793 قتلوا في السنوات الست الماضية. وهذه الأرقام لا تشمل من أصيبوا في الحربين، ولا الذين قتلوا أو جرحوا على يد الجيش الأميركي في باكستان وليبيا. وبالتطرق إلى الحريات المدنية، نجد أن معدل المساجين في الولاياتالمتحدة هو الأعلى في العالم، حيث يبلغ حوالي 760 شخصاً من بين كل 100 ألف مواطن أميركي. أما الصين، التي يبلغ عدد سكانها ما يقرب من أربعة أضعاف عدد سكان أميركا، فتبلغ نسبة من سجنوا فيها حوالي سُبع مثيله في الولاياتالمتحدة، بما يعادل نحو 118 صينياً يودعون في السجون من بين كل 100 ألف شخص. المصدر: البيان 10/4/2012م