وضعت إسرائيل إستراتيجية محكمة لمواجهة الدول العربية والإسلامية والحد من المد الإسلامي في إفريقيا التي يشكل المسلمون نصف سكانها عن طريق الدعاية والإعلام بتصويرهم غزاة في أذهان الأفارقة وتجاراً للرقيق حيث أقامت إسرائيل تحالفاً مع اليمين المسيحي لمواجهتهم بالتعاون مع المنظمات الكنسية والوكالات الصهيونية وظهر اثر هذا في السودان في شكل ضغوط عالمية بشان قضيتي دارفور والجنوب سابقاً . كما ساعدت اتفاقية "كامب ديفيد" وإقامة مصر وبعض الدول العربية علاقات مع إسرائيل وتطبيعها وتبادل السفراء معها ساعد ذلك إسرائيل وشجعها علي ان تقدم نفسها لإفريقيا وان تقيم علاقات مع الأفارقة الذين ساعدوا العرب سابقاً ودعموهم في حربهم ضدها بقطع العلاقات معها بعد احتلال سيناء باعتبار ان ليس هناك مبرر لقطع العلاقات معها بعد اتفاقية "كامب ديفيد"، وبذلك تمكنت إسرائيل من بناء علاقات مع دول الجوار السوداني فمثلت علاقاتها مع إثيوبيا مثلاً في مدها بخبراء ومستشارين في المجال العسكري والأمني والزراعي ومساعدتها في بناء السدود علي النيل الأزرق، ثم الوجود الإسرائيلي في جيبوتي بالقاعدة الفرنسية منذ سبعينيات القرن الماضي والقاعدة الأمريكية التي أنشئت مؤخراً لمراقبة الدول العربية المطلة علي البحر الأحمر أما في منطقة البحيرات فقد كثفت إسرائيل وجودها في أوغندا حيث أصبحت العلاقة بينهما علاقة إستراتيجية في كل المجالات كما بنت إسرائيل علاقات مع النخب الحاكمة في كينيا ونفذت من خلالهم الي مواقع صنع القرار، ولإسرائيل وجود مكثف في الكنغوا الديمقراطية عبر الوجود الفرنسي. وبذلك أصبحت إسرائيل تحاصر السودان عبر دول الجوار أو المحيط الإقليمي لجنوب السودان ثم توجت هذا بالدخول الي جنوب السودان قبل الاستفتاء من خلال التجارة والمستثمرين وهو الذي ساعده في نتيجة الاستفتاء "الانفصال" وهذا الأخير أصبح مهدداً للأمن القومي السوداني وامن مصر المائي ثم أمنها القومي. وإذا ما رجعنا للذاكرة التاريخية نجد ان إثيوبيا واريتريا قامت بدعم جماعات المعارضة السودانية "التجمع الوطني" عام 1995م كما قامت أوغندا بالدعم اللوجستي والعسكري للحركة الشعبية ضد حكومة السودان كما كان محمور |"إثيوبيا، اريتريا، أوغندا" ضد السودان بدعم "إسرائيلي- أمريكي" من اجل تنفيذ سياحة الأضواء الأمريكية لإسقاط حكومة الإنقاذ وأيضاً توتر العلاقات التشادية سابقاً كان بتأليب أمريكي إسرائيلي وقامت بدعم المعارضة ممثلة في الحركات المسلحة بدارفور. ونواصل في الذاكرة التاريخية بقيام التمرد في عام 1983م بقيادة "جون قرنق" حيث وفرت إسرائيل الخبراء في مجال التدريب العسكري للحركة الشعبية وأمدتهم بالسلاح عبر دول الجوار إضافة الي المنح الجامعية للعناصر الشعبية واستمر ذلك حتي توقيع اتفاقية نيفاشا في عام 2005م. من خلال ما ظهر من الدور الإسرائيلي في القارة الإفريقية عامة وفي السودان خاصة في السابق فأن قيام الدولة الجديدة في جنوب السودان سيؤدي الي استمرار الدور الإسرائيلي تنفيذاً للأهداف الصهيونية والأمريكية وستقوم بتنفيذ سياسة شد الأطراف لإنهاك المركز ثم القضاء عليه لا سمح الله وهو ما يؤدي الي تقسيم السودان الي دويلات كما هو مخطط أمريكا بعد فشل تحويل السودان الي دولة افريقية زنجية بقيادة جنوبية بموت "جون قرنق" وفشل مخطط السودان الجديد. وبذلك تضمن أمريكا الصهيونية تحقيق أهدافها في إيقاف المد الإسلامي إفريقيا والقضاء علي الحكومة الإسلامية في الخرطوم وإستمرار حالة عدم الاستقرار في السودان والمحافظة علي الموارد الطبيعية خاصة البترول والمعادن دونما إستقلال حتى يحين قطافها أمريكياً. نقلا عن صحيفة الأهرام 10/4/2012