حتي الان فان القوي السياسية التي قدمت مرشحين رئاسيين لمنافسة مرشح المؤتمر الوطني الرئيس البشير هي أحزاب الحركة الشعبية التي قدمت نائب أمينها العام مسئول قطاع الشمال ياسر سعيد عرمان. الحزب الاتحادي الديمقراطي بزعامة الميرغني الذي قدم زعيمه السيد الصادق المهدي والمؤتمر الشعبي الذي قدم د. عبد الله دينق نيال والحزب الشيوعي الذي قدم زعيمه محمد ابراهيم نقد وحزب الوسط بزعامة د. يوسف الكودة الذي قدم الكودة. هذه تقريبا هي الأحزاب التي قررت المنافسة علي الرئاسة في ظل تردد أحزاب أخري وفي ظل وجود تكهنات بأن يتم الاتفاق علي مرشح واحد. لاحقا تتكتل وراءه كل هذه القوي لهزيمة مرشح الوطني البشير. والسؤال هو هل ينجح هؤلاء المرشحين ومن ورائهم أحزابهم في انتزاع المقعد الرئاسي من الرئيس البشير؟ بالطبع الاجابة تقتضي الغوص قليلا في طبيعة الموقف بحالته هذه فأول ما يلاحظ هو أن الاحزاب الرئيسية الكبيرة باستثناء الامة بزعامة السيد الصادق- نأي زعمائها الكبار عدم دخول حلبة المنافسة وهذا في حد ذاته- وبمعزل عن أي معطيات أخري- ينهض دليلاً أولياً علي (خوف) هذه الاحزاب وعدم ثقتها في نفسها أو علي الاقل ادراكها حتي قبل بداية السباق أن حظوظها قليلة ولا تريد حرق قياداتها في سباق غير مضمون ونستخلص من هذا أن المرشحين الذين قدمتهم هذه القوي الرئيسية تم تقديمهم ليس بنية الفوز ولكن بنية خوض الانتخابات فحسب حتي لا يقال ان هذه القوي تركت الساحة لخوصمها وتخوفت من خوض انتخابات انتظرتها طويلاً. أما ثاني ما يلاحظ فهو أن نجاح أي مرشح من هؤلاء المرشحين المقدمين من القوي الرئيسية (عرمان أو دينق أ ونقد) معناه أن هنالك خللاً ما سيقع في المعادلة السياسية ففي حالة عرمان فهو مرؤوس لسلفاكير ولا يمكن أن تتصور انعكاس المعادلة بحيث يصبح سلفاكير مرؤوسا له, وفي حالة عبد الله دينق ذات الشئ مع اضافة أن المعادلة النيفاشية- اذا جاز التعبير – سوف تختل بوجود اثنين من اثنية واحدة (الجنوب) علي سدة السلطة كليها الرئيس والنائب من جهة واحدة مما يخالف مقتضي الاتفاق ويزيد الامور تعقيداً. أما بالنسبة للسيد الصادق فان الرجل حتي علي مستوي ما تبقي من حزبه لا يحظي بالقبول السياسي وقد ظل حزبه متصدعا حتي هذه اللحظة مما يجعل من امكانية احياء معاقله القديمة التي عفا عليها الزمن أمر في حكم المستحيل خاصة دارفور وكردفان التي حالها يغني عن سؤالها ولعل المهدي مضطر اضطرارا لدخول الحلبه ثم التشبث بأسرع ما يمكن ببعض الماخذ والمطاعن علي العملية برمتها لتبرير الفشل. وهكذا فان السؤال في الواقع ينقلب ليكون سؤالاً عمن ينافس البشير فعلياً من القوي السياسية وليس هل هنالك فرصا لمرشحي هذه القوي السياسية للفوز, كما أن فرضية تكتيك تثبيت الأصوات التي تحدث عنها د. الترابي لن تنجح لسبب في غاية البساطة وهي أنها أولاً تم الكشف عنها وتحسبت لها قيادات المؤتمر الوطني وثانياً أن التثبيت هو ضار بالفعل بالقوي المعارضة نفسها لأن المؤتمر الوطني ربما يكون قد أعد مناصريه وضمن النسبة التي تجعل مرشحه بمناي تماماً عن أي منافسة!, فالسياسة ذكاء وتوظيف للظرف والمؤتمر الوطني مهارته لا تباري في هذا المنحي!