قال الدكتور علي الحاج محمد، أحد قادة حزب المؤتمر الشعبي الذي يتزعمه الدكتور حسن الترابي، (ان الوقت لا يزال متاحاً لاجماع القوى المعارضة على مرشح رئاسي واحد)، وأضاف الحاج في تصريحات له من العاصمة البريطانية لندن – الأحد الماضي – إن ترشيح حزبه الشعبي لنائب الأمين العام للحزب عبد الله دينق نيال ليست فيه مخالفة لمؤتمر جوبا واعتبر الترشيح – شأناً داخلياً يخص الحزب – وأنه جرى بعيداً عن أي تشاور مع بقية أحزاب جوبا، وبدأ د. الحاج – متضايقاً الى حد كبير – جراء ما وصفه بأن ملتقى جوبا لم يقرر قراراً بالمقاطعة أو المشاركة، كما كان متفقاً عليه! ولعل هذه النبرة والأمنيات السياسية التي جسدها د. علي الحاج بقوله بامكانية الاتفاق على مرشح واحد للرئاسة لمنافسة الرئيس البشير، هي في حد ذاتها تعكس عمق الأزمة داخل أحزاب جوبا فعلاوة على أن سامر هذه الأحزاب قد انفض تماماً، منذ أن حققت الحركة ما كانت تريده من وراء جمعها لهذه الأحزاب (قوانين الاستفتاء والمشورة الشعبية وابيي)، وان الحركة ما عادت في حاجة لهذه الأحزاب، بعد ما تجاوزت الجسر وعبرت النهر بالفعل فإن قوى جوبا بالفعل وكما قال د. الحاج لم تجتمع مرة أخرى ولا ينتظر أن تجتمع لتقرر ما اذا كانت تزمع خوض الانتخابات أو تقاطعها لأنها ببساطة شديدة قررت قراراتها منفردة، وصار كل حزب يقرر موقفه اعتماداً على ظروفه ومعطياته الخاصة. كما أن كل حزب من هذه الأحزاب احتفظ لنفسه لتحالفاته ولم يفصح عنها، بل ان حزب الدكتور علي الحاج (المؤتمر الشعبي) استبق الجميع باعلانه ترشيح د. عبد الله دينق دون أن يدري ما اذا كان هذا الترشيح سيجد قبولاً من بقية هذه الأحزاب أم لا، ولعل هذا بالضبط ما يفسر لنا بوضوح قول د. الحاج انه لا يزال بالامكان الاتفاق على مرشح رئاسي واحد. ولكن السؤال الذي يفرض نفسه هنا، ما هي المعايير والقواعد التي من الممكن أن يتراضى عليها ملتقى جوبا في اختيار مرشح رئاسي واحد يقفون جميعهم خلفه وينافس الرئيس البشير؟ الواقع ان عمق الخلاف بين هذه الاحزاب من الاتساع في هذه الناحية بحيث يصبح بامكانها اختيار مرشح واحد، فالحركة الشعبية على سبيل المثال لن تقبل بمرشح من الاحزاب التقليدية المعروفة، كونها – بهذا الموقف – تقلل من حجمها السياسي حيال هذه الاحزاب لأن الحركة تعتبر نفسها الند المناسب للمؤتمر الوطني وحده، وليست نداً لآخر بدليل ارتضاؤها عملية تقسيم السلطة والثروة بالنسبة التي تمت بها في نيفاشا. وحزب الأمة بزعامة السيد الصادق المهدي لن يدعم مرشحاً رئاسياً من الحركة لاسباب عقدية وأخرى سياسية معروفة، فالحزب – بهذا المسلك – سوف يؤلب عليه اتباعه أو من تبقى منهم، أما الشعبي نفسه فهو غير مقبول لدى الحركة استراتيجياً وان قبلته الحركة في جوبا تكتيكياً. بل ان مسارعة الشعبي لتقديم مرشحه هو بمثابة قطع للطريق تماماً للتوافق على مرشح رئاسي واحد ولهذا فإن الحاج في الواقع كان (يعتذر بحرارة) عن صعوبة الاتفاق على مرشح رئاسي موحد اكثر من كونه كان يدعو ويأمل في هذا الاتفاق!