قبل أيام قليلة من رحيل الرئيس الملاوى بونجو موثاريكا مطلع ابريل الماضي أثار وزير خارجيته حينها بيتر موثاريكا جدلاً كبيراً عندما ألمح إلي إمكانية تراجع بلاده عن موقفها من استضافة الرئيس البشير خلال قمة الاتحاد الأفريقي المقررة في يوليو، واكتفي الوزير الذي تراجع بنفسه عن موقف بلاده عندما استضاف البشير العام الماضي في قمة الكوميسا وصاغ الوزير وهو قانوني ضليع رد ملاوي علي المحكمة الجنائية الدولية مكتفياً بالقول أنه لا يملك إجابة قاطعة بذلك ولكن القرار سيخضع لمراجعة الحكومة، ولكن الموت عاجل الرئيس موثاريكا قبل أن يراجع أو يتراجع عن موقفه. وقبل ذلك حذرت الصحافة الملاوية الحكومة من استضافة الرئيس البشير للمرة الثانية حتى لا تفقد البلاد الدعم الأمريكي لصالح إنجاز مشروع لدعم الكهرباء، وكان واضحاً أن سيف قطع الدعم مسلط علي الرقاب لدرجة أن الوزير الذي ترافع بنفسه عن الاستضافة الأولي مقدماً دفوعات قانونية يلمح إلي التراجع، وبعد رحيل الرئيس موثاريكا وتسلم الرئيسة الجديدة جويس باندا السلطة وتحت الضغوط والأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعيشها ملاوي قالت رئيسة ملاوي إنها طالبت الاتحاد الأفريقي منع الرئيس السوداني عمر البشير من حضور قمة الاتحاد الأفريقي التي تستضيفها بلادها في يوليو المقبل، وكان تبريرها أنها اتخذت ذلك القرار بسبب التداعيات الاقتصادية، وتسعي باندا لاسترجاع حزمة من المساعدات الخارجية من الولاياتالمتحدة وأوربا التي جرى تعليقها خلال حكم سلفها مما أسفر عن حدوث فجوة في الميزانية التي تعتمد علي المساعدات بنسبة 40% تقريباً، وتشير وسائل الإعلام أن ملاوي بسبب استضافتها الأولي للبشير في أكتوبر من العام 2011 حرمت من 350 مليون دولار كانت وعدت بها وكالة أمريكية. الرئيسة الملاوية الجديدة رضخت للضغوط الغربية وسحب المساعدات الخارجية للتراجع عن مواقف كثيرة لملاوي سياسية وأخلاقية فبعد الجدل الكبير الذي أثارته محاكمة المثليين الجنسيين في ملاوي في العام 2010 والحكم عليهم قضائياً ب14 عاماً بالسجن وهي القضية التي اتخذتها المنظمات الدولية ذريعة لتأليب الرأي العام الغربي ضد الحكومة الملاوية وأسهمت في خفض المساعدات، ألمحت الرئيسة الجديدة إلي إمكانية إلغاء قانون منع الزواج المثليين في ملاوي وذلك لتكتسب لها أرضية في الغرب ووصفتها صحيفة الغادريان البريطانية بأنها الرئيسة القادرة علي إعادة ترميم الجسور مع الغرب. الدور الأمريكي خلف دفع الرئيسة الملاوية بات أكثر وضوحاً من خلال ما تناقلته وسائل لإعلام بأن لجنة لمجلس النواب الأمريكي قبلت يوم الخميس بقطع المعونة الاقتصادية عن أي بلد يستضيف الرئيس السوداني عمر البشير بسبب قرار المحكمة الجنائية الدولية، ويقف وراء مشروع القرار الأمريكي الذي ينتظر موافقة مجلسي النواب والشيوخ ومصادقة الرئيس الأمريكي يقف خلفه النائب فرانك وولف المعروف بمواقفه المتشددة ضد السودان ومهندس النسخة المحدثة من قانون سلام السودان2012. ليست الولاياتالمتحدة وحدها من يساند الرئيسة الجديدة في موقفها الخارج علي الإجماع الأفريقي، بل فرنسا وبريطانيا اللتان أعادتا علاقاتها الدبلوماسية مع ملاوي مع وصول الرئيسة الجديدة حيث شهدت تدهوراً مريعاً أيام سلفها الرئيس الراحل موثاريكا الذي طرد السفير البريطاني بسبب تدخله في الشؤون الداخلية فكان رد لندن أن قطعت مساعداتها الخارجية. الرد السوداني الغاضب علي دعوة الرئيسة الملاوية هو أن الدولة المضيفة لا تملك حق تحديد من يحضر القمة، وصاحب الحق الوحيد في ذلك هو الاتحاد الأفريقي والذي أعلن مراراً وتكراراً أنه لا يعترف بقرار ما يسمي بالمحكمة الجنائية الدولية وظل البشير حاضراً في قمم الاتحاد منذ صدور القرار الظالم حتى القمة الأخيرة في أديس أبابا وظل يحظى بالاستقبال من جانبه لم يتأخر الاتحاد الأفريقي في رد علي رئيسة ملاوي التي تعاني من ضغوط دولية كبيرة، حيث أعلن رئيس الاتحاد الأفريقي – رئيس بنين – توماس بوني يايي أنه لا يري سبباً لاستبعاد الرئيس البشير، من قمة الاتحاد المقررة في ملاوي، وفق ما صرح به وزير خارجية بنين. وقال وزير خارجية بنين نصير أريفاري باكو للصحفيين في العاصمة كوتونو إن قمة الاتحاد التي عقدت في العاصمة اليوغندية كمبالا العام 2010 كانت قد أصدرت قراراً بعدم التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية فيما يتصل بمذكرة اعتقال البشير. وأضاف "من هنا، فإن القمة التي ستعقد في ملاوي لا تمثل استثناء من هذا القرار، ولا يحق لأي دولة عضو اتخاذ قرار فردي بشأن من يحضر أو لا يحضر". دعوة الرئيسة الملاوية التي تدعمها الولاياتالمتحدة وبريطانيا وفرنسا وأن بطرق غير مباشرة تمثل تحدياً كبيراً لمؤسسة الاتحاد الأفريقي التي ينبغي أن تكون قراراتها ومواقفها فوق اعتبارات الدول الأعضاء وأن لا تسمح بالتدخل الخارجي واستخدام المساعدات الإنسانية والتنموية كسلاح لتجيير مواقف الدول السيادية والسياسية التي تتناغم مع روح الاتحاد الأفريقي. نقلا عن صحيفة الرأي العام السودانية 20/5/2012م