(إذا قال الدبلوماسي نعم فهو يقصد ربما.. وإذا قال ربما فهو يقصد لا.. وإذا قال لا فهو ليس بدبلوماسي).. تلك المفردات متعارف عليها في قاموس الدبلوماسية الذي يحتاج الى عدة تفاسير لمعرفة ما يتم الإشارة إليه بين السطور. بدأت لغة الدبلوماسية العالمية تتبدل عند غخراج العبارات التي تخاطب الأزمة المستمرة بين السودان ودولة جنوب السودان. والمتعلقة بإكمال تركة اتفاقية السلام الشامل والمتعارف على تسميتها ب(القضايا العالقة بين البلدين).. وربما فشل الطرفان والوسيط الراعي لمباحثاتهما في التوصل لحلول في قضايا النفط والحدود والتي انضمت إليها مؤخراً القضايا الأمنية ذات الارتباطات المتداخلة هنا وهناك، ربما الفشل في ذلك دفع المجتمع الدولي إلى التدخل عبر مجلس الأمن الدولي والذي أصدر القرار (2046) والمتعلق بتلك القضايا بعد أن تمت إحالة القضية إليه من مجلس السلم والأمن الأفريقي. مرونة ورغبة: بعد غد الثلاثاء هو الموعد المضروب لبدء جولة المفاوضات بأديس أبابا بعد أن قاد رئيس الآلية الأفريقية رفيعة المستوي ثامبو أمبيكي اتصالات وجولات بين الخرطوم وجوبا كللت بوضع جدول للمباحثات المقبلة والتي يبدأ النقاش فيها بالجزئيات المتعلقة بالقضايا الأمنية والتي يترأس لجنتها وزيرا دفاع البلدين. اتجهت آمال العديد من الجهات الي التوصل لاتفاقات تنهي النزاع وتجعل البلدين يتوجهان للاستفادة من خيراتهما عبر التعاون المشترك لما فيه مصلحة الشعبين .. تلك الجهات من بينها الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون والذي سارع لإعلان ترحيبه بإعلان حكومتي السودان وجنوب السودان استئناف المحادثات بينهما بأديس أبابا، وطالب مون المتفاوضين بإبداء المرونة والرغبة الخالصة في التوصل لاتفاق، وأكد استعداد المنظمة الدولية للوقوف مع الجانبين لضمان تنفيذ اتفاقياتهما. هناك وفي الجانب الآخر وقفت الصين باعتبارها الشريك الدولي الأكبر لكلا البلدين فيما يتعلق بالمصالح الاقتصادية المرتبطة بملف النفط حيث وقفت موقف المرحب باستئناف المباحثات، من خلال تعابير الناطق باسم وزارة الخارجية الصينية هونغ لي وحديثه عن آمال بلاده في أن يحل الجانبان بشكل ملائم القضايا العالقة بينهما عن طريق المفاوضات بما يتماشي مع توجيهات الاتحاد الأفريقي والقرارات ذات الصلة التي تبناها مجلس الأمن الدولي. إزالة توتر المتابع لطبيعة العلاقة بين الخرطوم وجوبا يلحظ وجود الولاياتالمتحدة كلاعب ثالث وربما يوصف ب(مايسترو)خط الوسط بينهما أو المهندس لكل التفاهمات التي تمت بينهما بداية باتفاقية السلام الشامل وصولاً إلى محطتي الانتخابات واستفتاء جنوب السودان، ويبدو واضحاً أن ذلك اللاعب تزداد تحركاته بالمنطقة متى ما توترت الأوضاع إلى درجة يصعب السيطرة عليها. ويمكن العودة إلى تحركات المبعوثين الأمريكيين الى السودان في فترات سابقة ومقارنتها بتحركاتهم مؤخراً حيث كان الجنرال أسكوت غرايشون يكاد لا يقضي شهراً دون أن يزور فيه الخرطوم وجوبا سيما خلال فترة الاستفتاء. ومن الواضح أن الجانب الأمريكي استشعر الخطر علي مشاريعه الاقتصادية (المستقبلية) التي خطط لها طوال السنوات الماضية سيما بعد تصعيد هجليج الأخير مما دفع وفداً رفيع المستوي من الكونغرس الأمريكي يرأسه رئيس لجنة العلاقات الخارجية السناتور جون كيري ويضم رئيس اللجنة الأفريقية، والمبعوث الأمريكي لدارفور للتوجه إلى زيارة الخرطوم الأحد المقبل لعدة أيام، - بحسب وكالات الأنباء العالمية، ورجحت المصادر أن يناقش الوفد عدداً من القضايا تتصدرها العلاقات المتوترة بين الخرطوم وواشنطن بجانب القضايا العالقة بين دولتي السودان. مصالح دولية: رئيس اللجنة التنفيذية لقدامى السفراء السفير فضل عبيد عزا اللغة الدبلوماسية الدولية المستخدمة وتقلباتها في ملف القضايا العالقة بين البلدين إلى توقع النتائج التي يحسبها كل طرف من الأطراف الدولية، وقال إنه وبالوقوف عند تلك الجزئيات يمكن القول إن تلك الأطراف تقر بأن الجولة المقبلة من المفاوضات ستتوصل إلى نهايات في بعض القضايا. ويقول السفير فضل عبيد في حديثه ل(السوداني) إن بان كي مون يتخذ المواقف التي لا تضعه في مضايقات مع الدول الخمسة دائمة العضوية بمجلس الأمن الدولي (أصحاب الفيتو)، ومضي السفير فضل إلى التأكيد بان أولئك الأعضاء الخمسة أنفسهم منقسمون في وجهات نظرهم إلى مجموعتين الأولي تضم الصين وروسيا والأخرى تضم أمريكا وبقية المجموعة والذين يهتمون بالعلاقات السياسية والاقتصادية، بينما يذهب إلى أن الصين من مصلحتها تصالح السودان وجنوبه لأن استمرار التوتر يضر بمصالحها المرتبطة بالنفط ويتفق السفير فضل مع موقف الحكومة في أن القضايا الأمنية تمثل الأولوية، ويضيف: إذا لم تحل هذه فلن يكون هناك شيء آخر، ويقول: نحن نذهب لوحدنا والجنوب يعمل بمستشارين أجانب يضعون مصلحة دولهم أولاً ومن ثم مصلحة الجنوب، ويرى أن ذلك لن يجعل من المفاوضات المقبلة أمراً سهلاً. نقلاً عن صحيفة السوداني 27/5/2012م