أيا كانت منظمات المؤتمر الوطني التي جعلته ينسحب من تقديم مرشح له بينافس مرشح الحركة الشعبية علي رئاسة حكومة الجنوب فان الخطة في حد ذاتها ينبغي أن يتم حسابها- بصرف النظر عن أي شئ – ضمن حسابات المواقف الايجابية لأن المؤتمر الوطني وعلي أقل تقدير أرسل رسالة مفتوحة- لم تتم تحت الطاولة مع شركائه في الشعبية- أنه حريص علي تماسك البناء الوطني علي الاقل في الجنوب حتي يترشح الاستقرار وتتم عملية الاستفتاء بقدر كبير من التماسك. وما من شك أن المؤتمر الوطني بأي حساب حسبنا الأمر قدم هذه الخدمة (مجاناً) اللهم الا من ثمن التماسك الوطني الذي أشرنا اليه لأن الحركة الشعبية حتي الان لم تقل أنها هي أيضاً تخلي منطقه معينة أو منصبا معينا ليترشح فيه مرشح المؤتمر الوطني دعماً للتماسك والاستقرار وعلي ذلك فان ما كان مطلوبا ولا يزال مطلوبا من الحركة الشعبية ليس هو (شكر المؤتمر الوطني) ولا الشعور بالامتنان تجاهه فهذا عمل سياسي والعمل السياسي في الغالب عمل مصالح وليس عمل مشاعر, وتطييب خواطر ولكن المطلوب أن تتحلي الحركة بذات هذه الروح وأن تحسن الظن بالقوي السياسية لأننا لاحظنا أن الحركة سرعان ما عضت يد المؤتمر الوطني حين قال أمينها العام باقان أموم ان المؤتمر الوطني أخلي ظاهرياً ترشيحه في الجنوب لأنه- باطناً- يدعم مرشح التغيير الديمراطي الدكتور لام أكول!! والامر المثير للسخرية هنا هو أن دعم المؤتمر الوطني لأي مرشح من مرشحي أي حزب, عملي مشروع, ويقع ضمن خانة العمل الايجابي كما أشرنا وحزب الدكتور أكول حزب كغيره من الأحزاب لا يقلل من كونه حزباً أنه منشق عن الحركة الشعبية لأن المؤتمر الوطني نفسه لديه حزب منشق عنه هو المؤتمر الشعبي فهل منع الحركة الشعبية من التعامل معه؟ أو لم يلتقوا في جوبا مؤخرا ودخولوا في تحالف سياسي تكتيكي في ملتقي جوبا؟ ثم ان المؤتمر الوطني لم يكثف بدعم مرشح الحركة الشعبية في حكومة الجنوب وانما قام- وبالمجان أيضاً- باخلاء دوائر عديدة في أماكن مختلفة لأحزاب أخري بغرض دعمها وتقوية عضلاتها- هذه الروح السياسية في ظل عدم استطاعة أحد الجزم بنتيجة الانتخابات ومفاجاتها، هي روح وفاقية ايجابية حتي لو كانت تستبطن أموراً غامضة أخري فهي روح جديرة بالتقدير والمطلوب أن تتعامل بها بقية القوي السياسية اذا كان الأمر المرجو والمقصود فعليا هو المصلحة الوطنية العليا للبلاد, ويبدو أن الحركة الشعبية فقدت الثقة في نفسها لدرجة أنها فقدت الثقه في كل من يعمل علي دعمها والتعامل معها, ولعل أبلغ دليل علي ذلك أنها وبعد أن استنفذت أغراضها من تحالف جوبا, تركت حلفائها ولم تنسق معهم في أي أمر وظلت تعمل منفردة لمصلحتها الخاصة مما يدل علي فقدانها الثقة في الاخرين وفي نفسها!!