قلم:عبدالزهرة الركابيمن تداعيات ما يسمى «الربيع العربي»، اصبحت المنطقة العربية تواجه مخاطر واخطارا، ربما يكون اشدها وطأة، مشروع التفتيت والتقسيم، حيث ان الجيل الشاب الذي أشعل الاحداث، انزوى وانسحب وبدت قدراته متواضعة فيمواصلة مسار التغيير والتحديث والاصلاح، او ان دهاليز ومعتركات السياسة والحكم، كانت اكبر من رومانسيته واحلامه، فكانت فرصة لحركات الاسلام السياسي كي تطرح مشروعها عبر محاولاتها الرامية، للامساك بأهم مفاصل الحكم، كما هو واضح في مصر وتونس، وربما يمتد هذا الامساك الى بلدان اخرى. وهذه الحركات والتيارات الاسلامية ليست في وارد إحداث تغيير ديموقراطي في النظام السياسي بقدر ما يهمها احلال مشروعها القديم والمعروف، في اعتقاد منها ان آلية الحكم ستكون جواز المرور لهذا المشروع. وهو امر اقر به احد اسلاميي تونس من دون لف او دوران عندما قال بالحرف الواحد، نحن لدينا الان فرصة ذهبية.. في تلك الفرصة الذهبية، لست مهتما «بالسلطة بل انني مهتم بتقديم النظام الاسلامي المبهر، ذلك هو حلمي». ومن هذا (النظام الاسلامي المبهر) علينا استشفاف واقع المنطقة في المستقبل، اذا ما تسنى لحركات الاسلام السياسي، السيطرة على مقاليد الحكم، وهو واقع تتحسب له القوى النخبوية الحاكمة في المنطقة، وهي تعمل على الحد من مؤثرات الصعود لحركات التدين السياسي، التي سطت في وضح النهار على النتائج المرحلية لهذه الاحداث، كما ان الغرب واميركا على وجه الخصوص، راحا يعيدان النظر بفكرة التعايش مع هذه الحركات التي هي في طريقها الى الحكم او الحاكمة بالفعل، بل ان واشنطن بدت اخيراً «غير مرتاحة لتكتيكات الاسلاميين المكشوفة، وقد اصدرت امر عمليات لتشتيت جهود الاسلاميين، ومنعهم من الاستيلاء على الحكم في مصر، بيد ان مثل هذا التراجع يشكل في الوقت نفسه معضلة لواشنطن بالنسبة لشكل النظام السياسي البديل. فالقوى الليبرالية والعلمانية التي ارتبطت بعلاقات ومصالح مع اميركا ابان حقبة النظام السابق، لم تعد تتمتع بنفوذ وشعبية، وهي لم تعد صالحة للرهان عليها، بيد ان واشنطن في الوقت نفسه لا تكل ولا تمل في البحث عن نظام تستطيع التعايش والتعاون معه، نظام على الاقل لا يسبب لها الازعاج، خصوصا «ان استراتيجيتها العسكرية الجديدة، تتجه الى التمركز في جنوب اسيا والمحيط الهادئ، خشية من تزايد نفوذ قوة التنين الصيني، اي ان الاهتمام الاميركي الاستراتيجي من الان وحتى عام 2020 سيكون منصباً على المنطقة المذكورة.