دخلت واشنطون على خط المواجهة بين الحكومة وأحزاب المعارضة وقدمت نصائح أو قل انتقادات لما وصفته بقمع الحكومة للاحتجاجات. حذرت واشنطون في ذات السياق رعاياها بأخذ الحيطة والحذر في تحركاتهم وتواجدهم في العاصمة الخرطوم. تحذيرات واشنطون لرعاياها ليست جديدة فقد درجت وزارة الخارجية الأمريكية على توجيه رعاياها بتوخي الحذر في المناطق التي تشهد اضطرابات سياسية وأمنية مصحوبة بأعمال عنف خاصة في المناطق الأكثر اضطراباً في العالم. غير أن الجديد في رسائل واشنطون للحكومة السودانية برأي مراقبين هو محاولة خلق أجواء للربيع العربي في السودان بإدانة سريعة لطريقة تعامل الحكومة مع المتظاهرين وتسليط الأضواء على المناخ السياسي الذي أنتج المظاهرات المتفرقة في بعض مناطق العاصمة والولايات. رفضت الحكومة تصريحات واشنطون بشأن طريقة التعامل مع الاحتجاجات واعتبرت الخرطوم الإدارة الأمريكية غير مؤهلة أخلاقياً للحديث عن قمع الحكومة للمتظاهرين، وإنها (الحكومة) لا تنتظر من واشنطون تعليمات لكيفية التعامل مع المحتجين. ربما كانت أكثر الأطراف سعادة بموقف الإدارة الأمريكية تجاه الأوضاع ذات الطابع الاحتجاجي المأزوم الذي فرضته إجراءات الحكومة الاقتصادية الأخيرة. هو أحزاب المعارضة التي تبحث في الوقت الراهن في مآلات الأوضاع الانتقالية بعد أن افترضت نظرياً أن النظام قد سقط. وبحسب ناشط في التحالف المعارض تحفظ على ذكر أسمه فان المعارضة لا تعيش الأحلام والافتراضات النظرية بسقوط النظام وإنما لديها يقين راسخ في أن النظام سيسقط الآن أو بعد حين. لكن واشنطون ليست غبية يسهل خداعها بحقيقة ما يجري في السودان فوفقاً لصحيفة لوس انجلوس تايمز فان الربيع السوداني صعب وعسير المنال بسبب أن الأحزاب غير مؤهلة لقيادة التغير في المقابل ما زال الشارع بعيداً عن ما تروج له أحزاب المعارضة قد لا تعكس صحيفة لوس انجلوس موقف متخذي القرارات في دوائر الإدارة الأمريكية في البيت الأبيض ووزارة الخارجية والبنتاغون بيد إنها حسب مراقبين تعطي مؤشرات قوية على أن الأوضاع في السودان لا تذهب في اتجاه نماذج الربيع العربي في المنطقة كما تري أطراف المعارضة التي أعدت العدة لخلافة النظام بحكومة انتقالية. لا يبدو أن أحزاب التحالف تعول كثيراً على واشنطون في إحداث التغيير في السودان فالذي يجرب المجرب يحصد الندم برغم إن بعض الجماعات المسلحة طلبت دعم الحكومة البريطانية لإسقاط الحكومة. جربت الأحزاب تسعينات القرن الماضي الاعتماد على الرافع الأمريكي في الإطاحة بالنظام لكن واشنطون تحكمها المصالح وليست رغبات أطراف المعارضة ويري أستاذ العلوم السياسية دكتور حسن الساعوري واشنطون تعول على الحكومة السودانية في الحفاظ على استقرار الأوضاع في الإقليم وبرغم العداء الظاهر في علاقات الطرفين حسب الساعوري إلا أن العشرين عاماً الأخيرة شهدت أكبر عمليات التعاون ألمخابراتي في ملف مكافحة الإرهاب بين الحكومة الأمريكية والسودان. ربما يطول انتظار المعارضة لهدفها المعلن في الإطاحة بالنظام لأسباب لا تخفي على كل الأطراف فالغرب وأمريكا تحركها المصالح ولا يبدو أن بقاء الحكومة الحالية يهدد المصالح الغربيةالأمريكية أكثر من سقوطها. نقلاً عن صحيفة الوفاق 4/7/2012م