قال المعارض المنضم حديثاً الى ما يُسمي بالجبهة الثورية (التوم هجو) إنه يشعر بالإحباط الشديد -على حد تعبيره- جرّاء الواقع البائس الحالي لقوى المعارضة السودانية. وأوردت مصادر سياسية فى العاصمة الامريكيةواشنطن حيث إنتهي المطاف ب(هجو)، أن الرجل تلقي إتصالاً هاتفياً وهو فى واشنطن من رفاقه فى قيادة ما يسمي بالجبهة الثورية للشروع فى إعداد ما أسموه (ورقة عسكرية) الهدف منها صياغة إستراتيجية لتوحيد العمل العسكري توطئة لمناقشتها لاحقاً فى العاصمة اليوغندية كمبالا، غير أنه لم يتحمّس للخطوة فى ظل ما وصفها بحالة مزرية تعيشها قوى المعارضة، خاصة بعد أن تمَّ إنذاره من حزبه الاتحادي الديمقراطي الأصل بزعامة الميرغني وفصل رفيقه على محمود حسنين، صاحب الجبهة العريضة التى ماتت قبل مولدها فى العاصمة البريطانية لندن. الأزمة الحقيقة التى يعيشها هجو وفقاً لما أسرَّ به لبعض رفاقه فى واشنطن هو أنه فشل فشلاً ذريعاً فى إستمالة عدد من منسوبي الحزب الاتحادي وقادته للإنضمام الى الجبهة الثورية، أو على الاقل وقوف موقف موحد حيال مشاركة الحزب الاتحادي فى الحكومة. وقال هجو - بلسان ينضح بالمرارة والحسرة - إن الجبهة الثورية تعيش أزمة قيادة حقيقية وليس لها حتى الآن برنامجاً سياسياً وعسكرياً واضحاً، وكل الفصائل المكونة لها تعمل كلٌ بمعزل عن الآخر. وأضاف هجو إن قوى المعارضة فشلت حتى فى إيجاد برنامج سياسي (نظري) على حد قوله، دعك من برنامج عملي قابل للتطبيق على أرض الواقع يطيح بالحكومة القائمة. وكانت ثالثة الاثافي - فى الازمة التى يعيش فى خضمها هجو - أنه يعاني تهميشاً شديداً للغاية -بحسب وصفه- من رئيس الحركة الشعبية فى واشنطن (أنور الحاج) الذى لم يعره أدني إهتمام منذ وصوله الى واشنطن، ولم يحاول ترتيب لقاء معه، ولا تكرَّم بالتعرف عليه حتى! فضلاً عن عقبات عديدة وضعها فى طريقه المتمرد مالك عقار حالت بينه وبين مهاتفته! وبالطبع ليس هناك أدني شك أن (التوم هجو) يعيش واقعاً مريراً للغاية، فقد دخل فى نفق مظلم وحقيقة لا يستطيع الرجوع ليخرج منه وفى الوقت نفسه لا يستطيع التقدم للوصل الى خواتيمه ونهاياته. ولا شك ان هذا المصير الحالك، يبدو طبيعياً ومتوقعاً للسياسي الذى لا يحبذ حساب الأمور وتقديرها المعقول، فقد خرج هجو بسرعة البرق ليلحق بما يسمي بالجبهة الثورية ظناً منه –بذات ذلك القدر من السذاجة– أن الامر لن يستغرق أياماً يدخلون بعدها العاصمة السودانية دخول الفاتحين. نسي هجو طبيعة تكوين الجبهة والسياج العنصري الشائك المحيط بها، ونسي تربُّص الحركة الشعبية به وبأمثاله بإعتبارهم يمثلون الوسط النيلي ذي الثقافة العربية والهوية الاسلامية. ونسي ان إلتحامه بالثورية كان بالنسبة لمكوناتها مجرد عمل دعائي إعلامي كسبوا به سياسياً لأغراض الدعاية، ولكنهم لم يكونوا فى إنتظاره ليحتووه فى أحضانهم ولينصِّبوه قائداً بطلاً. لقد خسر هجو من لهث وراءهم ووجدهم سراباً بقيعة؛ وخسر من فارقهم من حزبه الاتحادي، الذين وجهوا له إنذاراً يطعن بشدة فى صميم طهارته السياسية الوطنية؛ وما بين هاتين الخسارتين، خسر هجو نفسه، وتلك لعمري أبلغ وأفدح خسارة!