منذ أن وطأت أقدامهم أرض السودان بعد هزيمة دولة المهدية اجتهد المستعمرون البريطانيون في بذر بذور النزاعات العرقية في السودان وهناك العديد من الشواهد والدلائل على هذه السياسة البغيضة التي تناولها بعض المؤرخين السودانيين وغيرهم ولكن أصدقها ما كتبه الإداريون البريطانيون الذين عملوا في السودان إبان الفترة الاستعمارية خاصة أصحاب الوظائف الوسيطة في الخدمة المدنية. وسأستعرض معكم كتاباً يحمل هذه المعاني والشواهد قريباً إن شاء الله. الاستثمار في "الاختلاف الإثني" هو أحد آليات الاستعمار الغربي بوجهه الجديد لتسهل له السيطرة على موارد العالم الثالث البكر بعد أن يمزق دولها وشعوبها حتى تصبح مجرد لافتات في الجمعية العامة للأمم المتحدة لا دولاً لها سيادة أو إرادة! وما يعانيه السودان اليوم من إشعال متعمد في أطرافه بواسطة وكلاء "معتمدون" للإستراتيجية الغربية يؤكد صدق هذه الاتجاهات. ومن المؤكد بل من الممكن هزيمة هذه المخططات ولكن بشرط أن نقتنع جميعاً بأن ما ننفذه نحن بأيدينا هو استجابة لهذه الخطط وأننا وفي حال وعينا بأهدافها المدمرة لن تكون إلا ذكرى عابرة. المهم نبدأ الخطوة الأولى في نبذ الصراعات ودارسة أسبابها بعمق وليس بسطحية. فالكل طامع في وطننا وفي موارده ولا يهمهم بعد ذلك حياتنا أو موتنا. بالأمس سالت دماء عزيزة وأُزهقت أنفس طاهرة نتيجة لهذا الصراع المجنون! ذهب عن دنيانا الرجل "المؤسسة" إبراهيم بلندية رئيس المجلس التشريعي بجنوب كردفان وثلة من رفاقه برصاص غادر من الحركة الشعبية. استمعت للرجل عن قرب في إحدى الزيارات الصحفية لمدينة كادوقلي. فوجدته ينطق بلسان أهله ويدافع عن قضاياهم بصدق ولا يهمه إلى أيّ الجهات أو الأحزاب انتمى، الكلمات تخرج منه صادقة ومعبّرة و"حارة" حرارة الطقس السياسي والأمني الذي صنعته الحركة الشعبية بغباء شديد وسط أهالي الجبال! الحركة الشعبية "الوكيل المعتمد" لمخططات الغرب اغتالت إبراهيم بلندية ولكنها ومن حيث لا تدري اغتالت وجودها وسط أبناء النوبة الذين تتاجر بقضاياهم دون تفويض منهم. دماء الشهيد إبراهيم بلندية ورفاقه الكرام يجب ألاّ تذهب هدراً، وهذه ليست دعوة للعنف ولكن لابد من القصاص من القتلة والمجرمين وتنظيف الولاية منهم. وليكن استشهاد إبراهيم بلندية وصحبه الأخيار مهراً لسلام العزة والكرامة ودافعاً لمواصلة مشروعات التنمية التي كانت الهم الأكبر والشغل الشاغل للراحل العزيز. لا نقول كما قال المغني "أي دمعة حزن لا" ولكننا نقول إنّا على فراقك يا إبراهيم لمحزونون ونرجو أن تتسابق المؤسسات والمنظمات الوطنية في إقامة صرح تعليمي أو صحي أو معاهد ومراكز للتدريب والتأهيل تحمل اسم الشهيد بلندية تخليداً لذكراه وسيرته العطرة. فالرجل ومن غير شك ترك فراغاً عريضاً. تقبّل الله شهداء الوطن الذين لطخت دماؤهم الطاهرة جدران البيت الأبيض راعي الحركة الشعبية الوكيل المعتمد لاغتيال السودان وشعبه!. نقلا عن صحيفة الرائد السودانية 9/7/2012م