انطلقت بحاضرة شمال دارفور الفاشر أمس، أعمال مؤتمر أهل دارفور للسلام والتنمية بحضور ممثلين عن داعمي وشركاء اتفاق الدوحة والوساطة القطرية والمنظمات الدولية والإقليمية والبعثة المشتركة للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي العاملة بدارفور "يوناميد"، وكذلك وسط مشاركة واسعة من النازحين واللاجئين والقيادات والكيانات والقوى الدارفورية بجانب تنفيذيين وتشريعيين وإعلاميين. وتجاوزت عضوية المؤتمر الألف شخص، ويعتبر هو المؤتمر الأول منذ تأسيس السلطة الإقليمية الانتقالية لدارفور برئاسة الدكتور التجاني السيسي. ويأتي انعقاد المؤتمر قبيل انعقاد مؤتمرين لاحقين أحدهما للنازحين واللاجئين سيعقد بمدينة نيالا حاضرة جنوب دارفور في سبتمبر الماضي وآخر لداعمي وثيقة الدوحة سيلتئم بالدوحة. ويهدف المؤتمر لتوحيد ورؤى الدارفوريين حول عملية السلام ودعم وثيقة الدوحة وإعادة النسيج الاجتماعي والتعايش السلمي بجانب دعم المصالحات واستنهاض روح المبادرة. ويختلف مؤتمر أخل دارفور للسلام والتنمية عن مؤتمر الحوار الدارفوري – الدارفوري الذي نصت على وثيقة الدوحة، والذي ينتظر أن ينظمه شركاء الاتفاقية ممثلين في البعثة المشتركة "يوناميد"، ودولة قطر والاتحاد الأفريقي وغيرهم من الشركاء. واعتبر النائب الأول لرئيس الجمهورية علي عثمان محمد طه، أن انعقاد مؤتمر أهل دارفور للسلام والتنمية، يؤكد تصميم أهل الإقليم وعزمهم على أن يكونوا القائمين على أمر قضيتهم وان يتحملوا مسئوليتهم كاملة في تعزيز السلام والأمن والتنمية. وقال طه لدى مخاطبته فاتحة أعمال المؤتمر أمس، بمدينة الفاشر إن السلام الذي تحقق في الدوحة يمثل التقاء الإرادة الوطنية لأهل السودان بأن تكون قضية تعزيز السلام مسئولية أهل السودان أولا وبمعاونة الشركاء ثانيا، وأشار النائب الأول إلى أن التحديات هي حقائق ماثلة لكن المبشرات تبعث فينا الأمل على إمكانية تجاوزها لتشكيل الواقع الجديد، وقال "إننا على قناعة بأن قيمة السلام في دارفور الآن تعلوا على آية قيمة، وهي قيمة حقيقية يعرفها الجميع ويتسابقون على تعزيزها". ودعا طه المؤتمرين إلى التمسك بالسلام والحرص على توسيع دائرته وتعميق جذوره والاتفاق على منهج عملي لتعزيزه، مؤمنا على مطالبة والي شمال دارفور بتشكيل آلية وتوجيه نداء والقيام بمسعى تجاه رافضي السلام، وكذلك الاتفاق على برنامج لمواجهة المهددات التي تعيق عملية السلام. وحث النائب الأول لرئيس الجمهورية، المؤتمرين على إرسال رسالة قوية للذين يرفضون السلام بأن يتوقفوا عن تقتيل النساء والأطفال وتشريد أهليهم، مؤكدا أن السلام هو الطريق الوحيد لحل مشكلة دارفور. وجدد التزام الحكومة الاتحادية والسلطة الإقليمية بتمهيد الطريق لكل من يريد أن يلحق بمسيرة السلام. ودعا إلى عزل كل من يرفض السلام، وعدم السماح لهم الاستمتاع بالحصاد المر ومحاصرة المجموعات المتمردة وعزلها عن مجتمعاتنا. وأكد طه أهمية تأمين النسيج الاجتماعي في دارفور قائلا: "إننا مطالبون بأن نقيم الميزان بين الانتماء القبلي والانتماء لدارفور وللسودان، ووضع الدواء فوق الداء فيما يتعلق برتق النسيج الاجتماعي". ودعا إلى وضع خطة واضحة لرتق النسيج الاجتماعي تنعكس على إعلامنا وأدبنا والى إيجاد رسائل جديدة ذات مضامين ثقافية وسياسية في الإعلام الشعبي والإعلام الحديث. وأشاد النائب الأول بجهود دولة قطر قيادة وحكومة وشعبا وبالأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي والبعثة المشتركة "يوناميد" وجامعة الدول العربية لتحقيق السلام في دارفور، وقال إننا نتطلع للمزيد من المشاركة لأن تنمية دارفور تفوق طاقات أية حكومة بالنظر لحجم الدمار والخراب الذي خلفته الحرب. وبدوره، أكد رئيس السلطة الإقليمية لدارفور، الدكتور التجاني السيسي، على المضي قدماً في طريق إنفاذ وثيقة الدوحة مهما كلف ذلك، مشيراً إلى أنه لا بديل للسلام في دارفور إلا السلام. وقال السيسي لدى مخاطبته مؤتمر أهل دارفور إن إقليم دارفور شهد استقراراً ملحوظاً عقب توقيع اتفاق الدوحة، مؤكداً أن الحرب لم تزد دارفور إلا دماراً وتفرقاً وشتاتاً. مشددا على ضرورة إكمال بند الترتيبات الأمنية، وأعتبر المؤتمر مدخلاً لرتق النسيج الاجتماعي، موضحاً أن من أولويات السلطة الإقليمية هو إكمال طريق الإنقاذ الغربي الذي أصبح حلماً يراود جميع أهل دارفور وهو طريق استراتيجي يربط الإقليم بالمركز وأشار السيسي إلى وجود تحديات جمة تواجه السلطة الإقليمية لكن قال إن تلك التحديات لا يمكن التغلب عليها إلا بالأمن والاستقرار. ولفت إلى تزايد أعداد الذين عادوا طواعية إلى مناطقهم الأصلية وقال "علينا أن نوفر المقومات والمعينات الأساسية لتلك القرى وتوفير الأمن لها". ومن ناحيته، دعا والي شمال دارفور عثمان محمد يوسف كبر إلى تكوين آلية من أعضاء مؤتمر أهل دارفور لقيادة مساعي حثيثة لإقناع الحركات المسلحة بوثيقة الدوحة لإحلال السلام في الإقليم، وشدد كبر لدى مخاطبته فاتحة أعمال المؤتمر أمس، على ضرورة توجيه نداء لرافضي السلام من أبناء دارفور مؤكدا أن السلام بات الرغبة الأكيدة لكل أهل دارفور. وأكد والي شمال دارفور التزام حكومته التام بالتنسيق والتعاون مع السلطة الإقليمية لدارفور وتوفر الإرادة في سبيل تعزيز فرص السلام والوحدة والتنمية، بجانب السعي لتنفيذ برامج العودة الطوعية للنازحين واللاجئين إلى قراهم وزيادة الإنتاج من خلال الموسم الزراعي الحالي والعمل على وحدة صف أهل دارفور. واعتبر كبر أن مؤتمر أهل دارفور يعد محطة جديدة في مسيرة السلطة الإقليمية بدارفور، مشيراً إلى أهمية المؤتمر في تهيئة البيئة الصالحة وحشد القدرات واستنهاض الهمم من اجل توظيف المكاسب التي حققتها وثيقة الدوحة وتعزيز الأمن وتوسيع فرص السلام ونشر ثقافته علاوةً على تأكيد توفر الإرادة السياسية بين الحكومة السودانية وحركة التحرير والعدالة. وشدد كبر على ضرورة المزيد من التنسيق والاحترام المتبادل بين مكونات السلطة الإقليمية لنجاحها خاصةً فيما يتعلق بتحقيق السلام في دارفور. وأعرب عن أمله في أن يخرج المؤتمر بتوصيات قوية وبناءة تجاه تعزيز السلام الذي تحقق بدارفور. من جهتها، أكدت دولة قطر استمرار دعمها لجهود تحقيق السلام الدائم والعادل في دارفور من اجل البناء والتنمية في الإقليم. وقال مدير إدارة التعاون الدولي بوزارة الخارجية القطرية الدكتور أحمد المريخي في كلمة ألقاها نيابة عن الدكتور خالد الفقيه وزير الدولة القطري لشئون الخارجية "إن قطر تساهم في تنفيذ تطلعات سكان دارفور عبر تنفيذ مشاريع متكاملة"، وكشف أن بلاده تنفذ مشروعا على مرحلتين تستهدف مرحلة قصيرة المدى 50 مجتمعا محليا بعدد 20 محلية، يتم من خلاله بناء مراكز لتقديم خدمات نموذجية ومراكز صحية ومدارس أساس وثانوي ونقاط للشرطة، ومجمعات سكنية، وتمكين الأسر، بتوفير سبل كسب العيش وتمكينها من يناء مسكن نموذجي، حيث يستهدف المشروع عدد 150 أسرة بتكلفة 31 مليون دولار. وأوضح المريخي أن المرحلة الثانية للمشروع تتمثل في إقامة شراكة واسعة عبر تنظيم مؤتمر للمانحين وحشد الجهود الدولية لضمان مشاركة أوسع في المؤتمر، مشيرا إلى أن المنظمات الإنسانية القطرية قد بدأت في تنفيذ مشروعات للتنمية في دارفور. من جانبه، أشاد الممثل الخاص المشترك للأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي رئيس بعثة "يوناميد"، البروفيسور إبراهيم قمباوري، بشريكي وثيقة الدوحة، حكومة السودان وحركة التحرير والعدالة، للخطوات والجهود الكبيرة التي بذلاها من اجل إنفاذ الوثيقة. وأكد قمباوري لدى مخاطبته مؤتمر أهل دارفور التزام "يوناميد" بمساعدة أهل دارفور وقال إن "يوناميد" ستكون دائما شريكا لهم وان أولويات دارفور هي أولويات للبعثة المشتركة. وأوضح قمباوري أن المؤتمر ينعقد في توقيت جيد وانه يوفر فرصة للوقوف على الانجازات منذ توقيع الوثيقة كما انه يعتبر مواصلة حثيثة للورش التي عقدتها البعثة للتعريف بالوثيقة، كما أن المؤتمر يعد معبرا بحسب قمباوري، نحو عقد الحوار الدارفوري التشاوري ويسهل عمليات الحوار الجارية في الإقليم، مشيرا إلى أن البعثة عقدت حوالي 140 ورشة عمل. وكرر قمباوري دعوة رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي جون بينغ للسلطة الإقليمية في حفل تدشينها بضرورة الوفاء بكامل مسئولياتها وواجباتها إذا ما أريد للمواطن في دارفور أن ينعم بالسلام. نقلا عن صحيفة الرائد السودانية 11/7/2012م