من الآثار التي ترتبت علي انفصال جنوب السودان بعدما أضحي دولة تمتلك السيادة والاستقلالية ان تاركه من ورائها مجموعات ومليشيات مسلحة لطالما قاتلت ودافعت عن الحزب الأوحد في الجنوب (الحركة الشعبية) حيث كان يري سياسيون انه من الأرجح علي أطراف التفاوض الاول والذي بدوره جاء باتفاقية السلام الشامل مناقشة وضع أبناء الحركة الشماليين بشئ من التفصيل برغم من وجود برتوكولات اختصت بشأن ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان وذلك نسبة لظروف وأوضاع استثنائية مرت بهما – ولكن ما تكاد تنقضي الفترة الانتقالية لاتفاقية السلام الشامل حتي يعود الجميع الي ذات المربع الاول بدق طبول الحرب من الجديد وإشعال نيرانها من قبل قيادات الحركة الشعبية بالشمال أو ما يطلق عليهم (قطاع الشمال) وهو ما فرض طقساً مغايراً بتأزم الأوضاع الإنسانية وانقلاب زمام الأوضاع الأمنية وابتعاد المواطن عن الإنتاج الذي كان في أساسه يعتمد علي الزراعة والرعي – ما استدعي بالحكومة السودانية البحث عن مسلك يقيها المواجهة والصدام مع المجتمع الدولي وفي الوقت نفسه تستطيع ان تقدم المساعدات الإنسانية وتحقيق الأمن لمواطنيها فكان لابد من وقف إطلاق النار ولكن كيف يتحقق ذلك؟ في ظل بقاء ومواجهة ذات المجموعات التي تحمل الأفكار نفسها بحيث لم يكن هناك خيار أمام الحكومة سوي خوض تجربة الحوار فتأخذ القرار بذلك بان كلف المكتب القيادي للمؤتمر الوطني الحزب الحاكم بالسودان بتكليف دكتور كمال عبيد بإدارة الملف ورسم خارطة للتفاوض تتضمن رؤية الدولة من قطاع الشمال وأجندة الحوار ومطالب السودان في ذلك التي تم تسليمها للوساطة الأفريقية برئاسة ثامبو بيكي وفي السابع والعشرين من يوليو الماضي توجه الوفد المفاوض الي العاصمة الأثيوبية أديس أبابا للجلوس مع قيادات قطاع الشمال. وحسب ما قال كمال عبيد عقب عودة من جولة التفاوض الأولي عقد مؤتمراً صحفياً أوضح من خلاله مجمل ما دار من حوار في شأن مناطق النزاع والصراع والتي كان موقفنا واضح فيها بضرورة فك الارتباط مع الجنوب والتفاوض حول المسار السياسي والأمني مع بعضهما وان التفاوض سيكون مبني علي أساس استكمال ما تبقي من برتكولات اتفاقية السلام الشامل بيد ان عبيد عبر مؤتمره الصحفي شدد علي ان الدولة لن تقبل بان تعيد قطاع الشمال والحركة الشعبية بكل ما تحمل من توجيهات وأفكار وهذا ما جعلنا نطالب بالأهمية الابتعاد عن استخدام كلمات (تحرير السودان – السودان الجديد) بينما أشار رئيس الوفد ان التفاوض كان من حيث الفكرة مرفوضاً ما جعل الأئمة والدعاة يعتلون المنابر والتنديد به ولكن فرضيات التوصل لسلام كان هو الغالب في القرار أيضاً أكد كمال عبيد ان لدينا شكوكاً فيما يتعلق بشأن رغبة قيادات القطاع في الحوار ومدلل بقوله دعت الحركة بورقة حوت علي مطالبها ورؤيتها في التفاوض بناء علي طلب الوساطة الأفريقية بأن كانت الورقة تشير الي إمكانية الاستعانة بإطراف خارجية الخارجي ولم تتحدث عن القضية في مناطق النيل الأزرق وجنوب كردفان سوي بتخصيص سطر ونصف لذلك في طرح امتد لخمس صفحت أخريات ما جعل بالوساطة ان تجزم وتقتنع ان هذه المجموعة ليس بمقدورها تقديم طرد من خلاله نستطيع صياغة حوار للخروج بنتائج فكان المقترح من قبل الرئيس امبيكي بوضع حلول توفيقية ممثلة في تحديد الموضوعات والتي منها الأوضاع الإنسانية – الترتيبات الأمنية –شأن فك الارتباط مع الجنوب – وهنا استذكر كمال عبيد ان الحركة الشعبية قطاع الشمال دعا الي قيام حكومة انتقالية وهو ما كان لنا مرفوضاً جملة وتفصيلا. كذلك لم تغب رؤيتنا عن الشق القانوني بأن أوضحنا الدوافع والأسباب التي من ورائها أدت الي عزل والي ولاية النيل الأزرق الذي قال عنه عبيد كان مسؤولاً عن اللجنة الأمنية بالولاية وهو من خرق تلك الأوضاع وهو ما ترتب عليه فرض حالة الطوارئ بالولاية بالإضافة الي تقديم تقرير حول أوضاع الهيئة التشريعية من تلك المناطق للوساطة بعد حالة الحرب التي شهدتها النيل الأزرق وجنوب كردفان والتأكيد علي عدم فصل أي شخص كان يتبع للحركة الشعبية وهم الآن يزاولون نشاطهم كالمعتاد بناء علي ما نص عليه الدستور الانتقالي الذي جاء عقب اتفاقية السلام الشامل. وقد خلصنا في نهاية المطاف الي خوض جولة جديدة فور انقضاء أجازة عيد الفطر بجانب التوقيع علي مذكرة تفاهم وحسن نوايا بين أطراف التفاوض وفي السياق ذاته تم التوافق علي تشكيل فرق مشتركة تجمع الجامعة العربية والاتحاد الأفريقي ودولة علي تحمل مسؤولية المسح والتحقيق وتوصل المساعدات الإنسانية والإشراف المباشر علي الإغاثة والمنظمات العاملة في الحقل الإنساني وان لا تفاوض بصورة سرية علي ان يتم استعراض كل ما يتم الاتفاق عليه علي وسائل الأعلام وهنا دعا كمال عبيد الأجهزة الإعلامية الي تحري الدقة والمصداقية عن كل ما يرد من معلومات في شأن قضية الحوار مع قطاع الشمال. نقلا عن صحيفة الوفاق السودانية 6/8/2012م