نجحت سوريا خلال الأيام القليلة الماضية في لجم التصعيد الكلامي الإسرائيلي حول احتمالات الحرب، عندما حذر وزير الخارجية السوري وليد المعلم المسؤولين الإسرائيليين من أن الحربالتي يهددون بها قد تصل الى مدنهم. وجاء الرد السوري الواضح نتيجة جملة أسباب لا بد من الوقوف عندها لتوضيح الصورة السياسية في المنطقة. ومن أبرز هذه الأسباب: - لم يعد باستطاعة دمشق السكوت عن هذا التمادي، لأنه قد يؤدي الى انفلات الوضع فعلا واستدراجها الى معركة في غير زمانها ومكانها. - شعور الجانب السوري بحصول حالة فوضى سياسية في إسرائيل، وان تصريحات وزير الخارجية ليبرمان تخطت الحدود المتعارف عليها بحيث يمكن ان ترتد على اسرائيل نفسها، لان هذه اللهجة خارج السياقات الأميركية والأوروبية والخطوط الحمر الموضوعة في المنطقة. -تهديد الإنجازات السياسية التي حققتها في المنطقة ولبنان نتيجة دعوتها للتفاوض غير المباشر أو عبر تركيا تحديدا، وفتح الباب المجهول الذي لا يستطيع أحد تقديره الآن، وقد استفاد المعلم من هذه النقطة تحديدا ليقول للإسرائيليين انه في حال وقوع حرب قد لا نشهد مفاوضات جديدة مع الجيل الحالي. - أي توتر جديد سيختبر الالتزام السوري لحزب الله - وهو العامل الأهم -خصوصا بعدما اقنعت دمشقطهران بضرورة ان يكون قرار الحرب الذي يمتلكه الحزب في جنوب لبنان في يدها، وهو ما حصل فعلا من خلال تجديد التفاهم الذي وضعه كل من الرئيس الراحل حافظ الأسد والرئيس الإيراني السابق هاشمي رفسنجاني عام 1989. وعندما تأخذ دمشق قرار الحرب من حزب الله لمنع تكرار حرب شبيهة بحرب 2006، فإنها مضطرة للدفاع عنه في حال تعرضه للهجوم، خصوصا ان الكلام الإسرائيلي حول ضرورة شمول العمليات للحدود السورية مع لبنان هذه المرة يثير القلق، لأن اسرائيل تعتبر ذلك المدخل الوحيد لاتفاق يجبر دمشق على وقف إرسال السلاح الى الحزب. اما كلام الرئيس السوري حول احتمال تجدد الحرب الأهلية في لبنان خلال أيام وليس خلال أشهر، فهو باعتقاد الأوساط الدبلوماسية رسالة للغرب تلوح بتفجر الوضع اللبناني الداخلي في حال حصول هجوم اسرائيلي. وتظهر هذه الأوضاع خطورة سياسة سد كل الأبواب التي يتبعها رئيس الوزراء الاسرائيلي نتانياهو بجعل المسارين السوري والفلسطيني معا في طريق مسدود. المصدر: القبس الكويتية 9/2/2010