رأي البيان لا يزال الجمود ممسكاً بتلابيب الأزمة بين دولتي السودان وجنوب السودان، إذ لم تحرز المفاوضات بين الشطرين في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا أي تقدم يذكر في سبيل نزع فتيل التوتر العسكري الذي أرق مضاجع شعبي البلدين شهوراً عدة. ولعل الملفات الشائكة بين البلدين والتي يتصدرها الملف الأمني والذي اشترطت الخرطوم البدء به، فضلاً عن عقبة كؤود تتمثل في أزمة الحدود بين البلدين والمناطق المتنازع عليها وملف النفط تتطلب جميعها من حكومتي البلدين صبراً أكبر والتوصل إلى قواسم مشتركة من شأنها إحداث اختراق في هذه المعضلات، والبعد عن كل ما من شأنه إدارة العجلة إلى الوراء والعودة للاتهامات واللهجات العدائية. ولعل اتفاق السلام الشامل والذي وقعه الطرفان في العام 2005 وأدى فيما بعد إلى انشطار السودان دولتين، يعتبر خير مدخل لحل الأزمات الراهنة، إذ يحمل في طياته حلولاً شافية، لاسيما فيما يتعلق بملف الحدود المشتركة، كما يمكن للطرفين إن تحليا ببعض الصبر التوصل إلى حلول فيما يخص مسألة النفط الشائكة، بناء على مفاهيم المصالح المشتركة لا سيما أن البلدين أحوج ما يكونان للتعاون الآن أكثر من أي وقت مضى. وتبدو القضية أحوج ما تكون إلى وقوف المجتمع الدولي إلى جانب الطرفين إلى حين طي ملفاتهما العالقة، بدلاً من إصدار تصريحات بين الحين والآخر تحض الدولتين على وقف الحرب والعودة لطاولة المفاوضات. وما لا يخفى تأثير التوترات الأمنية وما تلقي به من ضرر بالغ على الاقتصادين المعتمدين بدرجة كبيرة على العائدات النفطية، إذ إنه وبقليل من المرونة يمكنهما التكامل اقتصادياً وسياسياً وأمنياً والالتفات لحل قضايا داخلية سواء بالنسبة للخرطوم في حل أزمة دارفور وتحسين أوضاع الاقتصاد، أو الدولة الوليدة باستتباب الأمن في ربوعها وانطلاق دوران تنميتها الاقتصادية. عاش السودان بشطريه عقوداً من الحرب ودفع أثمانا باهظة، بشرية واقتصادية وغيرهما وآن له استثمار ثرواته الكبيرة، وطي صفحات القتال الطويل، والانطلاق نحو التنمية المنشودة.