(الاتفاق بين الخرطوموجوبا فاشل)... عبارة هي الأولي رسمياً لقطاع الشمال منذ تم التوقيع علي الاتفاق الشامل بين العاصمتين، العبارة فاجأت الكثيرين لجهة ما نقلته تقارير إعلامية عن حفر الإحباط والقلق والضعف ملاحمها علي وجه الأمين العام للحركة – قطاع الشمال – ياسر عرمان في سياق مراقبته الدقيقة لتطورات الأوضاع بفندق التفاوض يومذاك.. عرمان بحسب ما نسب إليه (الاتفاق تجاوز القطاع ولم يفسح مجالاً لحل قضاياه مع الحكومة السودانية) الأمر الذي فجر التساؤلات حول إمكانية قطاع الشمال من إحداث تغيير حقيقي في مشهد السلام الذي بدأ يجد المدخل لعلاقات جوباالخرطوم. كثيرون يرون أن أية محاولة لتجاوز حقيقة قطاع الشمال باعتباره أحد أضلاع الاتفاق من شأنه الإخلال بالمعادلة الكلية للسلام، وأن إمكانية القتالية بفضل سيطرته علي الفرقتين 9,10 بجنوب كردفان والنيل الأزرق، من شأنه إفراغ الاتفاق من مضمونه في تحقيق الاستقرار للشمال في الحد الأدنى، وهو ما أشار إليه عرمان بأن الحركة الشعبية تسيطر علي 45% من الحدود الدولية بين الشمال والجنوب من النيل الأزرق الي جنوب كردفان. بينما يري آخرون أن حديث عرمان رغم أنه جاء مخالفاً محايداً من الاتفاق، رغم أن التوقيت يفرض علي القطاع إعلان موقف محدد لا توصيفه بالفشل، وأن القوة الحقيقية للقطاع كان يمكنها أن تبرز في إعلان رفض الاتفاق والتهديد بإفشاله. الفرضية الأخيرة.. اعتبرها المحلل السياسي إيهاب محمد الحسن، سيناريو تريد الخرطوم دفع قطاع الشمال لتبينه، لإحراجه أولاً مع جوبا، ثم مع المجتمع الدولي والإقليمي وأخيراً مع مواطني المناطق الحدودية، ما يجعله طبقاً للرجل تحت طائلة المجتمع الدولي ومقصلة العقوبات، بالإضافة لمحل سخط الجماهير. بينما يذهب المحلل السياسي المقرب من دوائر الوطني مصطفي عبد الله الي ان عرمان (ثعبان منزوع الأنياب) ولا يوجد أمامه سوي محاولة شراء الوقت بتصريحات لا تسمن ولا تغني من جوع، كما أنه ولسوء حظه؟ بحسب وصف عبد الله – جدد تذكير الناس بماسأة المناطق الحدودية بفعل قطاعه بقوله أن 45% منها تحت سيطرتهم ظناً منه بأن النسبة يمكن ان تغير في موازين القوة وترهب المفاوضين لتقديم تنازلات، وهو أمر لا يتسق مع موافقة القطاع للتفاوض مع الحكومة التي ينص عليها القرار 2046، الذي لا يجعل إمام القطاع سوي الانصياع للشرعية الدولية، وان لم يوافق المؤتمر الوطني علي تمثيلهم كأسماء باعتبار أن القطاع لا يمثل أهل جنوب كردفان والنيل الأزرق، ويعضد مصطفي رؤيته بقوله ل(الرأي العام) (موضوع الحدود أضحي كرتاً محروقاً بعدما أقدم الرئيس سلفا علي استدعاء ولاة الولايات الحدودية أمس الأول لتنويرهم حول الاتفاق وواجباتهم في هذا السياق، ما يعني في الحد الأدنى عدم استغلال ولاياتهم كمنصة انطلاق للاعتداء علي الشمال) الوقائع تقول أن الرئيس سلفاكير ميارديت استدعي عملياً ولاة ولاياته الولايات الحدودية مع الخرطوم وتتمثل في أعالي النيل وشمال بحر الغزال وغرب بحر الغزال والوحدة بالإضافة لقادة الجيش الشعبي، بهدف تنويرهم بالاتفاق الأمني مع الخرطوم، وتدشين المنطقة العازلة. إذاً.. ثمة ما يجعل قطاع الشمال في حالة حصار، في الجنوب باعتباره ضيفاً علي القيادة الجنوبية وحليفاً قديماً، بالتالي لا يمكن له إحراجها بأي إجراءات عسكرية من أراضيها، وهو ما يؤكد بأن قطاع الشمال لن يعمل علي اختراق المنطقة العازلة بعمليات عسكرية علي الحدود السودانية، ويري كثيرون أنه سيواصل العمل العسكري عبر نقل عملياته لمناطق أخري داخل العمق السوداني بالفعل، ومن ثم مواصلة العمل ضمن فصائل خطة الجبهة الثورية التي ترفض مبدأ التفاوض. من جانب آخر يعتبر قطاع الشمال محاصراً في الشمال حيث ينظر له كعدو محظور سياسياً، وتم تصويره ك(دراكولا) جماهيرياً، مما يقلل من إمكانية دعمه سياسياً من خلال موقف الأحزاب بشكل مباشر خوفاً من عمليات التخوين التي تكتنف الساحة. مخاوف الخرطوم التي اشتعلت قبيل حديث عرمان، لم تفلح التحليلات في إطفائها، خصوصاً وأن من أشعلها رئيس قطاع الشمال الفريق مالك عقار بإعلانه رفض عملية فك الارتباط بقوله في واشنطون (نحن الأصل والجنوب الفرع، وبالتالي فلا فك ارتباط بيننا)، لتعيش الخرطوم قلقاً حول مدي مصداقية جوبا في رفع يدها عن عقار والحلو وعرمان، ويذهب المحلل السياسي والناشط الدارفوري ناصر بكداش الي أن هناك ثمة احتمالين أولهما إعلان الفرقتين التاسعة والعاشرة الذوبان في فصائل الجبهة الثورية بما في ذلك الحركات الدارفورية، باعتبار أن القضايا كلها مشتركة ومتصلة ومرتبطة، أو أن يتحالف القطاع مع التيار الرافض للاتفاق داخل القيادة الجنوبية مشكلاً تحالفاً جديداً ضد الحكومتين. مراقبون اعتبروا أن جوبا (أسقط في يدها) وأنها لا تستطيع القفز علي مستحقات توقيعها علي اتفاق مع الخرطوم يلزم الطرفين علي عدم دعم أعدائهما في مواجهة بعضهما البعض، ويدللون بذلك علي الخطوات التي بدأ يتخذها الرئيس سلفاكير كرد فعل طبيعي علي خطوات الخرطوم بدءاً بتصدير الذرة مروراً بتجفيف فصيل قاي وصولاً لأعداء منشآت تصدير النفط الجنوبي. نقلا عن صحيفة الرأي العام السودانية 4/10/2012م