فى سياق تحركاته بالعاصمة الأمريكيةواشنطن التى وصل اليها قبل حوالي ثلاثة أسابيع، إلتقى مبارك الفاضل بأخطر مجموعة استخبارية معادية للسودان متمثلة فى الممثل الامريكي المعروف (جورج كولوني) وفى معيته مناديب جرى إختيارهم بعناية فائقة من وكالة المخابرات الامريكية المركزية (سي آي أيه) وكان بصحبة مبارك الفاضل فى اللقاء – بحسب ما توفر من أنباء – نصر الدين الهادي المهدي. وتشير متابعات (سودان سفاري) بالعاصمة الامريكيةواشنطن ان اللقاء بحث بإستفاضة دعماً مالياً وعسكرياً لما يسمى بمجموعة كاودا والتى هي فى محصلتها النهائية الجبهة الثورية، ويبدو ان الجانب الامريكي المشغول هذه الايام بالسباق الرئاسي لم يشأ الخوض فى قضايا الدعم المالي والعسكري فى هذا التوقيت الحساس، ولذا إكتفى مبدئياً بتقديم دعم فني فى مجال تقنية الاتصالات والأقمار الاصطناعية مع تأجيل النظر فى الدعم المالي والعسكري عقب إنتهاء الانتخابات الرئاسية الامريكية. وبدا مبارك الفاضل سعيداً باللقاء والمناخ العام له، فالرجل المغرم بالغرف الملساء المغلقة، والأحاديث الهامة، و(البيع والشراء) الاستخباري ويستشعر أنه بات فاعلاً ولديه ما يفعله، ولذا فقد سارع الفاضل بصحبة إبن عمه نصر الدين السفر الى العاصمة الاسبانية مدريد حيث تنعقد قمة الرؤساء المنتخبين والتى شارك فى فعالياتها السيد الصادق المهدي. وقد يفاجأ القارئ الكريم بأن المهدي وأثناء إنعقاد القمة إلتقى بنو عمومته القادمين من واشنطن، مبارك ونصر الدين، وأعطوه صورة كاملة عن ما دار فى واشنطن، ودار نقاش مطول بين الثلاثة إتفقوا فى بعضه وإختلفوا فى بعض آخر، وكان كل الذى إختلفوا فى الرؤى حوله هو قضية الجنوب والقرن الافريقي! وقبل أن نسترسل فى بقية الانشطة التى قام بها مبارك الفاضل ونصر الدين من الضروري هنا أن نشير الى أن ما يقال فى حزب الأمة القومي بزعامة الصادق من إنعدام الصلات بين الحزب وكلٌ من مبارك ونصر الدين هو دون شك محض هراء و ذرّ رماد فى العيون، فالصلة قائمة، والعلاقات ممتدة وزعيم الحزب الصادق المهدي (يتابع) ما يقوم به بني عمومته عن كثب. وبالطبع لا أحد يدري ما هي الموجهات التى خرج بها اللقاء، ولكن جزء من هذه الموجهات تترجمت فى طيران الفاضل ونصر الدين الى باريس عقب مدريد مباشرة وإلتقيا عدداً من الجهات والشخصيات هناك فى إطار بحثهما الدؤوب عن دعم مالي عاجل، إذ يبدو أن الوعد الامريكي بتقديم الدعم عقب الانتخابات بدا للرجلين بعيداً وغير مضمون. وفى باريس كان لقاء الرجلين بمسئول سابق بالمخابرات الفرنسية وعضو حالياً فى مجلس الشيوخ الفرنسي، ولكن لسوء حظهما فإن الرجل هو الآخر سارع بتأجيل الاجتماع مكتفياً بوعود وإغراءات أفلحت فى إقناع مبارك وإبن عمه على القبول بالتأجيل. وكان ختام تحركات مبارك فى هولندا حيث التقي هناك بالمسئول عن حلف غرب أوربا بالسفارات الامريكية بأمستردام. ومن الواضح هنا أن اللقاء جرى بصورة تمويهية جري بذل جهد كبير للمداراة عليها وكانت القضايا الدبلوماسية محل البحث هى ذات القضايا التى بحثت فى واشنطن غير أن المسئول الدبلوماسي الأمريكي أكد لهما ان بلاده ماضية فى سياسة شد الأطراف مع الخرطوم – على حد تعبيره – حتى تتغير معادلة الحكم فى السودان. وهكذا فإن مبارك الفاضل – المحب لهذه الأجواء الملبدة بالضباب – يجد متعة لا تدانيها متعة، بوضع بلاده فى (جيوب) هذه الجهات الاجنبية بعد أن يضعوا هم أوراق النقد الخضراء فى جيبه، وبالطبع فإن الرجل الذى لم يعد لديه ما يخسره يمنِّي نفسه بأن يصبح (كرزاياً) سودانياً، ولا يرى بأساً فى ذلك طالما أن ذلك طموحه السياسي، فهل ينجح بائع نفسه ووطنه فى مسعاه أم تنقلب المعادلة فى واشنطن ويحتاج الرجل لمعطيات جديدة لمواصلة مشواره؟