أعلن وزير العدل السوداني محمد بشارة دوسة عن شروع السودان فى مقاضاة اسرائيل جراء عدوانها السافر عليه الاسبوع ما قبل الماضي. وقال وزير العدل السوداني ضمن إجتماع عقد برئاسته بوزارة العدل الخميس الماضي إن بلاده شرعت رسمياً فى ملاحقة اسرائيل قضائياً عبر إجراءات قانونية، قال الوزير انها ستجري عبر الطرق الدبلوماسية، بحيث ترفع الشكوى مدعومة بالأسانيد لوزرة الخارجية السودانية والتى بدروها تقوم بتسليمها الى مجلس الأمن الدولي. الشكوى السودانية تحوي – بالتفصيل – حجم الدمار والخسائر التى ترتّبت على العدوان الاسرائيلي وأعداد الضحايا والتخريب الذى طال الممتلكات والمنشآت؛ على إعتبار ان العدوان – فى حد ذاته – يشكل جريمة بموجب القانون الدولي وهو بهذه المثابة أكثر خطورة من الارهاب الذى تزعم تل أبيب وواشنطن أنهما يكافحانه. فإلى أيّ مدى يمكن أن تنجح هذه الخطوة؟ الواقع ان السودان وهو يشرع فى هذه الاجراءات –كما تشير بذلك متابعاتنا اللصيقة– لا يضع فى إعتباره حالياً، ما اذا كانت مثل هذه الخطوة سوف تواجه عقبات، أو أنها لن تكون شيئاً مجدياً. فكما أشارت مصادر عدلية مسئولة فى وزارة العدل السودانية، فإن الخطوة هى عمل قانوني محض، يأتي تمسُّك السودان بها ضمن خطوات أخرى دبلوماسية وسياسية تجري فى إتجاهات أخرى مختلفة. ويضيف، هناك حق للسودان فى الملاحقة القضائية جنباً الى جنب مع إحتفاظه بحقه فى رد العدوان بإعتباره يأتي هو أيضاً ضمن سياق ما يُعرف بالدفاع الشرعي فى القانون الدولي، فقد عرف القانون الدولي حق الدفاع الشرعي للدولة إذا تعرّضت لعدوان خارجي تماماً كما هو الحال فى القوانين الجنائية الوطنية. وبالنسبة للشكوى السودانية فهي دون شك سوف تسبِّب حرجاً للقادة الاسرائيليين ولواشنطن نفسها، لأنّ المجتمع الدولي ومهما بدا متعاطفاً فى جزء منه مع اسرائيل، أو ممالِئاً لها لا يستطيع التغاضي عن عدوان كهذا وإعتباره أمراً عادياً، خاصة وأن للمجتمع الدولي حساسية بالغة حيال قصف المدن المكتظة بالمدنيين والأحياء السكنية التى من المحتمل أن يسقط منها ضحايا. ويشير مستشار قانوني سابق بوزارة العدل السودانية يعمل حالياً خبيراً دولياً بإحدى المنظمات الدولية، ان بوسع السودان ان يتقدم بشكوى قانونية ويطلب إجراء تحقيق مستقل فى الحادثة -وذلك بنص ميثاق الاممالمتحدة- كما له الحق فى المطالبة بتشكيل محكمة خاصة على غرار المحاكم التى أنشأت بواسطة الأممالمتحدة إبان حروب البلقان فى تسعينات القرن المنصرم، وأن يتحلّى بعزيمة قوية لمتابعة هذا الأمر مهما كانت الصعوبات لأنّ من شأن ذلك أن يشكل حصاراً دبلوماسياً قوياً حول اسرائيل مطلوب بقوة فى ظل عنجهيتها وصلفها الذين ظلا سمة ملازمة لها. ولا شك ان الخطوة السودانية محفوفة بالأشواك والصعوبات فهي تتطلب جهداً متواصلاً، ولكن وكما قالت الخبيرة القانونية النرويجية الجنسية (أن. آر) فإن تركيز الشكوى بوجه خاص على إستهداف اسرائيل للمدنيين المقيمين فى المنطقة وحالة الترويع والذعر التى أصابتهم، والدمار الكبير لمنازلهم، والتوقيت الذى جرت فيه العملية (منتصف الليل) مع إحتمال سقوط ضحايا من الأطفال والنساء من شأنه أن يقوِّي من فرص نجاح الشكوى على الأقل فى جذب إنتباه منظمات مجتمع مدني مؤثرة حتى فى الولاياتالمتحدة نفسها. وبالطبع سوف يُضاف الى كل لك – وهو أمر مهم للغاية – أن العدوان الاسرائيلي من الأساس لا يستند على سبب موضوعي، إذ ليس هنالك عمليات تصنيع سلاح فى المصنع المقصوف تهدد إسرائيل بصفة مباشرة أو غير مباشرة؛ كما أنّ السودان – وهو ما ركّزت عليه الخبيرة القانونية النرويجية – ليس فى حالة حرب معلنة قانونياً مع إسرائيل حتى يكون هذا الحق فى ضرب منشآت فيه، فالفارق شاسع للغاية ما بين حالة العداء ذات الطابع السياسي، وحالة إعلان الحرب الرسمية التى تتطلب إجراءات قانونية داخلية معروفة.