يشهد الاسبوع الثانى من مفاوضات التغير المناخى التى تستضيفها الدوحة منعطفا هاما حيث تنطلق الاجتماعات على مستويات رفيعة بمشاركة العديد من صناع القرار التنفيذى للدول المشاركة من القادة والوزراء وقيادات المنظمات الدولية والمجتمع المدنى، حيث ستعرض عليها مشاريع القرارات التى صاغها الخبراء والفنيون للخروج بحزمة قرارات متوازنة سياسيا تخدم مصالح تلك الدول فى الوقت الحاضر.. الاسبوع الذى انقضى كان "تمرينا " عمليا بين المجموعات المتفاوضة لتحديد المواقف التفاوضية التى جرت بعضها عبر الابواب المغلقة ووراء الكواليس بعيدا عن اعين الاعلاميين والصحفيين الذين عانوا كثيرا فى البحث عن المعلومات والوصول الى المصادر.. المتفاوضون من الخبراء والفنيين سعوا عبر تحركات "مكوكية" لبناء تحالفات ينطلقون منها خلال الجولات الحاسمة التى تنطلق هذا الاسبوع لتتويج خطة عمل حتى عام 2015 او ما يمكن تسميته ب " DOHA MANDATE (تفويض الدوحة) لفترة الالتزام الثانية..والحق يقال، ان قطر حشدت كافة امكانياتها من كوادر بشرية وتقنية ومالية لانجاح جولة الدوحة وكانت تحركات رئيس المؤتمر سعادة عبدالله بن حمد العطية والفريق التنفيذى الذى يقوده سعادة عبد العزيز المالكى وسعادة فهد العطية والكوكبة الاخرى فى كافة الاتجاهات واضحة للعيان للتقريب بين وجهات نظر المجموعات المتفاوضة خاصة بين الدول الصناعية الكبرى والدول النامية ذات التوجهات السياسية المعروفة التى تحركها المصالح، كما اكد رئيس المؤتمر ان الهدف الان هو الوصول الى اتفاق واقعى معقول على الارض ملزم بعيدا عن المماطلات للوصول الى حد ادنى من الرؤى المتفق عليها من الجميع.. وكما قال العطية" اليد الواحدة لا تصفق " بما يحقق العدل والمساواة بين كافة الاطراف والمجموعات. ما يلفت الانتباه خلال المؤتمرات الصحفية التى "تتبارى" حولها المجموعات المختلفة تحولت تلك المؤتمرات الصحفية الى اطلاق " التصريحات النارية" واللوم العنيف. وفى تصورى ان الوصول الى"تفاهمات معقولة" يتطلب نوعا من المرونة والشفافية والابتكارية وطرح رؤى عقلانية فى القضايا الجوهرية بدلا من اضاعة الوقت فى التسويف فى القضايا الهامشية وترك القضايا الاساسية الى اللحظات الاخيرة ليس بوصفة مفيدة، واعتقد بان الدول الكبرى والصناعية وفى مقدمتها امريكا والاتحاد الاوروبى والصين والهند والبرازيل ذات التأثير البيئى الضخم عليها مسؤولية تاريخية بخفض انبعاثاتها من الغازات الدفيئة الى جانب اسهماماتها الفعالة فى تأسيس صناديق للمناخ وتوفير 100 مليار دولار سنويا لمساعدة الدول النامية فى عمليات التكيف الجديدة لمواجهةالانعكاسات المدمرة للتقلبات المناخية والكوارت الطبيعية من العواصف والاعاصير والزلازل والجفاف وغيرها تسريعا لعجلة التنمية ونأمل ان يكون لتأثير انسحاب كندا واليابان وروسيا من فترة الالتزام الثانية تأثيراته على مسار المفاوضات. ويثير انتباهى الحضور العربى والخليجى ودول الاوبك فى هذا التجمع الكبير ومدى قدرتها على اخذ زمام المبادرة داخل الجولات التفاوضية حفاظا على مصالحها فى ظل "تشرذم" المجموعات السبع للدفاع عن مصالحها ورؤيتها.. والسؤال هل تملك المجموعة العربية والخليجية اي "كروت" ضغط تمكنها من المناورة هنا وهناك؟ وكيف ستكون التزاماتها المستقبلية لتخفيض انبعاثات الغازات الدفيئة خاصة ان دول المنطقة منتح كبير للطاقة الاحفورية والصناعات الهيدروكربونية التى تشكل حجر الاساس لاقتصاداتها فى ظل الدعوات بضرورة اعادة هيكلة الاقتصادات لاحلال ما يسمى ب "الاقتصاد الاخضر" المعتمد على الطاقات البديلة لتقليص عمليات الانبعاثات مما يعنى ضرب القاعدة الاساسية لاقتصادات المنطقة وكيف ستتم معالجة هذه الاشكاليات. اختم مقالى بتلك التصريحات المتفائلة التى اطلقتها امس السيدة كرستينا فوغوريس السكرتيرة التنفيذية لاتفاقية الاممالمتحدة للتغير المناخى حيث توقعت ان يشهد نهاية الاسبوع "تطورات مهمة على اكثر من صعيد حول القضايا الجارى التفاوض حولها وان الاطراف المتفاوضة بدأت تصل الى ارضية مشتركة بمجمل القضايا العالقة التى تصطدم بالمنظور الوطنى مما يعنى حدوث فجوة بين الواقع والمأمول " التحدى الاكبر هو كيفية الوصول الى خطة عمل توافقية ملزمة للجميع تملك آليات عمل وتشريعات واضحة لضمان تنفيذه على الارض دون "لف او دوران" المصدر: الشرق القطرية 2/12/2012م