في زيارته الأخيرة لولاية جنوب كردفان وتدشينه رسمياَ لحقل بترول برصاية بالولاية أعلن النائب الأول لرئيس الجمهورية الأستاذ علي عثمان محمد طه قرب صدور القرار الرئاسي بإعادة ولاية غرب كردفان، خلال احتفالات البلاد بأعياد الاستقلال. وفي أثناء الاحتفال لم يكن رد الفعل لحديث النائب الأول كله إيجابياً ومرحباً بالإعلان، كما إن الذين هللوا وفرحوا أيضاً كانوا حضوراً.. ولع ولاية غرب كردفان التي أنشئت في العام 1994م وتم إلغاءها وفقاً لاتفاقية السلام بنيفاشا عام 2005م، والتي كانت تتخذ من الفولة عاصمة لها، قد دار لغط كثير حول جدوا إنشائها أولاً ثم من بعد ذلك مبررات إلغائها.. كان هذا الحديث قد تداولته الكثير من المجالس قبل أن يعلن النائب الأول نبأ عودتها مرة ثانية، وفي هذه ثارت تساؤلات كثيرة حول الكيفية التي سوف تعاد بها الولاية وحدودها الجغرافية، والمحليات التي سوف تضاف إليها بشكلها الجديد، والمدينة التي سوف تتخذها عاصمة لها؟ هذا فضلاً عن الوضع السياسي الموجود الآن، والولاة الذين تم انتخابهم لولايتي جنوب كردفان وشمال كردفان، وما صاحب ذلك من تباين في ظل وجود ما كان يسمي بقطاع الشمال للحركة الشعبية، والتي لم تنته آثاره السالبة إلي يومنا هذا.. إن إنشاء وتأسيس الولايات لابد أنه مرتبط بجملة أشياء وعوامل وأهداف.. فهل تحددت بالفعل الأهداف التي يمكن أن يحققها إنشاء الولاية الجديدة القديمة؟ كما ضرورة إنشاء الولاية لابد أن يكون مقنعاً، ليس فقط للمركز الذي يتخذ القرار، وإنما للجهات المستفيدة من اتخاذ القرار، ومعنية هي بتنفيذه بالدرجة الأولي من الخيارات التي يمكن أن تبني على قراءة فعلية للواقع هي أن يعاد ترتيب ولايات كردفان الثلاث، بما فيها الولاية الجديدة بطريقة تراعي الجغرافيا والتاريخ والسكان والموارد الاقتصادية، ومن بعد ذلك إيجاد المخرج السياسي لولاة منتخبين واستبدالهم بولاة معينين في وقت تحتاج فيه إلي تثبيت دعائم نتائج الانتخابات التي لم يتبق علي نهايتها غير عامين. ولعل تجربة ما حدث في دارفور بعد إعادة تقسيمها إلي خمس ولايات بدلاً من ثلاث، وما ترتب على ذلك من خروج أثنين من الولاة المنتخبين تستوجب التريث قليلاً قبل إعلان ميلاد الولاية الجديدة. هذه واحدة أما الثانية، فهي ما نقلته الصحف بالأمس من أن إمارة دار حمر أعلنت تمسكها بموقفها الذي أعلنته قبل ذلك بإنشاء ولاية جديدة، ليست لها علاقة بولاية غرب كردفان المشار إليها، على أن تكون الولاية المطلوب إنشائها عاصمتها النهود.. وقد أحتشد لهذا الطلب عدد كبير من القيادات المؤثرة في المنطقة، وأكدت هذه القيادات أن ((إعلان ولاية غرب كردفان لا يعنينا)) ما لم تكن عاصمتها النهود.. وقد خلص الاجتماع إلي إنهم سوف يرسلون وفداً من ألف قيادي لمقابلة حكومة المركز بالخرطوم لإقناع المركز بالفكرة، فثمة سؤال يطرح نفسه: هل المسألة مرتبطة بالعاصمة، أم بولاية جديدة بمواصفات تختلف عن تلك التي تتوفر في ولاية غرب كردفان؟، ولاية كردفان الكبرى التي باستثناء تمرد الحركة الشعبية الأخير في جنوبها كانت تشهد استقراراً كبيراً مقارنة بغيرها.. وإن كانت ولاية غرب كردفان الجديدة القديمة سوف تقتطع ما يقارب الست محليات من ولاية شمال كردفان وبعض المحليات في جنوب كردفان بالضرورة، فإن الأمر في تقديري يحتاج لدراسة متأنية من قبل المركز قبل إعلان الولاية الجديدة .. كما أنه يحتاج لتحقيق قدر عال من رضاء أصحاب المصلحة في ولاية كردفان الكبرى، وليس الأمر عندي مرتبط بحقوق قبيلة دون أخرى، أو إمارة دون الأخرى، بقدر مالها من نفوذ وصوت مرتفع، وإنما في تقديري تحتاج لأن يكون النظر في موضوع إعادة تقسيم ولاية كردفان الكبرى إلي ثلاث أو حتى أربع ولايات إلي الاستفادة من التجارب السابقة في هذا الشأن سواء أكان ذلك تجربة ولايات دارفور أو حتى تجربة ولاية غرب كردفان التي أنشئت ثم ألغيت، ربما بدون تقديم مبررات مقنعة ومنطقية فلماذا إذن العجلة، والواقع يتحدث عن جملة من المعوقات والمهددات لإنشاء ولاية غرب كردفان بالكيفية التي رأيناها؟ وثمة أمر أخير هو إلي مدى يمكن إنشاء ولاية جديدة حل بعض المشاكل التي تعاني منها ولاية، جنوب كردفان ومنطقة أبيي على وجه الخصوص قبل أن يخلق هذا القرار مشاكل جديدة، ربما لا تساعد في تحقيق الأهداف التي من أجلها أنشئت الولاية الجديدة القديمة؟. نقلاً عن صحيفة الوطن 23/12/2012م