علمت (سودان سفاري) من مصادر دبلوماسية مطلعة فى العاصمة اليوغندية كمبالا ان المتمرد عبد العزيز الحلو بدأت تساوره هواجس حقيقة أسرَّ بها -الأسبوع الماضي- الى أحد مرافقيه فى كمبالا. الحلو لم يكشف بوضوح أسباب هواجسه لمحدثه، ولكنه أشار الى ما أسماها (تحركات مريبة) يلاحظها بوضوح بحكم خلفيته الاستخبارية أيام عمله ضابطاً بالجيش الشعبي تحت إمرة زعيم الحركة الراحل قرنق. وأضاف الحلو أنه لاحظ (فتوراً غير عادي) فى لقاء جمعه مؤخراً بالرئيس اليوغندي يوري موسيفيني وإنهائه اللقاء الذى لم يدم لأكثر من 10 دقائق فى حين أنه هو –أي موسيفيني– الذى طلب اللقاء، وفى حين أن اللقاءات السابقة لم تكن فى العادة تقل عن 5 أو 6 ساعات متواصلة. الحلو أشار أيضاً الى الحملة التى وصفها بأنها غير مبررة على رفيقه عقار ثم ميناوي بشأن فساد مالي مبدياً استغرابه من إثارة أمور كهذه ووصولها للإعلام بسرعة والجبهة الثورية فى أسوأ ظروفها وتقدم تضحيات جسيمة فى الميدان على حد قوله. وبالطبع ما يزال الحلو يجيل ذهنه فى هذه القضايا المتشابكة دون أن يهتدي لإجابة غير أن أموراً أكثر خطورة جرت فى العاصمة الجنوبية جوبا -الجمعة الماضية- ربما أضافت الى هواجس الحلو الكثير، ففي نهار الجمعة الماضية استقبل ضابطاً رفيعاً بالجيش الشعبي وعدداً من القيادات الميدانية لما يسمى بالجبهة الثورية. وأشارت الأنباء أن الضابط الجنوبي الرفيع رافق ضيوفه برتل من العربات المظللة الى أحد أشهر الفنادق فى جوبا، وشُوهِد وهو يلج معهم الى باحة الفندق وهو يتحدث على نحو متسارع وبصوت عالٍ. يفسر بعض المراقبين هذه الواقعة على أنها استعدادات جنوبية لتأهيل قادة جدد لأغراض خاصة تخص الحكومة الجنوبية من جهة، وللمزيد من إحكام السيطرة على قادتها، الحلو وعرمان وعقار وعبد الواحد ومناوي. وتشير متابعات (سودان سفاري) أن الأمر جرت دراسته قبل نحو من شهرين بالعاصمة الكينية نيروبي فى حضور أحد المسئولين الأمريكيين الذى لم تُعرف طبيعة عمله فى الإدارة الأمريكية على وجه التحديد وإن كان البعض يعتقد أنه ينتمي الى جهاز خاص داخل إدارة المخابرات الأمريكية، حيث بدا أن الخلافات وصلت عمقاً خطيراً بين قادة الثورية حتى كادت أن تصل الى مرحلة الاشتباكات المسلحة والتصفية الجسدية، وهو ما أثار قلق واشنطن وأقلق جوبا بصفة خاصة، لكونها تراهن راهناً تماماً على الجبهة الثورية باعتبارها الجسم السوداني المسلح الوحيد الذى يمكن اعتباره يضم عدداً من المكونات السودانية الهادفة لإسقاط الحكومة السودانية. الحلو لا يجهل الكثير من هذه التحركات ولكنها تصل إليه فى سياق عادي غير مثير للقلق، فقد فسّر له أحد رفاقه الموجودين فى جوبا الأمر بأنه يأتي فى إطار (التدريب) للقادة ليتمكنوا من تحقيق نتائج جيدة فى الميدان. الرئيس موسيفيني هو الآخر فى لقائه القصير مع الحلو أشار إليه أيضاً الى أن التدريب مطلوب بعد الإخفاقات الكثيرة التى وقع فيها القادة الميدانيين واكتفى بهذا القدر من الحديث وهو يرمق الحلو بنظرات بادرة وجامدة لا معنى لها. وهكذا بدت الأمور وكأنها تتسرب من بين يدي مناوي والحلو وعقار وهم ينظرون، فهم لم يكونوا سوى أجزاء من منظومة استخبارية يشرف عليها الرئيس موسيفيني شخصياً، ولمّا بدا أنهم مهتمّون بالمال وكثيرو الخلافات فإن خططاً بديلة سرعان ما وجدت طريقها الى التطبيق بحيث يتم الحصول على البدائل أمام سمع ونظر القادة الميئوس منهم. ولئن قال قائل إن هؤلاء القادة ربما تمردوا أو هربوا فإن هذا فى الواقع بالضبط ما ينتظره موسيفيني ومن معه من ضباط المخابرات الأجانب، حيث يكون ذلك مبرراً كافياً ومشروعاً للخلاص منهم جسدياً.